الأنبياء عليهم السلام كلهم موصوفون بالصدق، وقد ذكر الله أنبياءه بالصدق فقال: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا [مريم: ٤١] وقال سبحانه: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا [مريم: ٥٦] وقد أخبر الله عن نبيه إبراهيم عليه السلام بأنه سأله أن يجعل له لسان صدق في الآخرين فقال: وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ [الشعراء: ٨٤].
كما قال عن إبراهيم وذريته من الأنبياء والرسل عليهم السلام وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا [مريم: ٥٠] والمراد باللسان الثناء الحسن من سائر الأمم بالصدق ليس ثناء بالكذب.
وأثنى الله على إسماعيل، فقال: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً [مريم: ٥٤].
وَوُصف يوسف عليه السلام بالصدق حينما جاءه الرجل يستفتيه فقال: يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ [يوسف:٤٦].
وأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يسأله أن يجعل مدخله ومخرجه على الصدق: وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً [الإسراء: ٨٠] وقال تعالى: وَالَّذِي جَاءبِالصِّدْقِوَصَدَّقَبِهِ [الزمر: ٣٣] قال السعدي في تفسير قوله: وَالَّذِي جَاءبِالصِّدْقِ (أي: في قوله وعمله، فدخل في ذلك الأنبياء ومن قام مقامهم، ممن صدق فيما قاله عن خبر الله وأحكامه، وفيما فعله من خصال الصدق وَصَدَّقَبِهِ أي: بالصدق لأنه قد يجيء الإنسان بالصدق، ولكن قد لا يصدق به، بسبب استكباره، أو احتقاره لمن قاله وأتى به، فلا بد في المدح من الصدق والتصديق، فصدقه يدل على علمه وعدله، وتصديقه يدل على تواضعه وعدم استكباره)(١).