[الوفاء في واحة الشعر ..]
قال الشاعر
ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب ... فالناس بين مختال وموارب
يغشون بينهم المودة والصفا ... وقلوبهم محشوة بعقارب (١).
وقال آخر:
مات الوفاء فلا رفد ولا طمع ... في الناس لم يبق إلا اليأس والجزع
فاصبر على ثقة بالله وارض به ... فالله أكرم من يرجى ويتبع
لا تركنن إلى من لا وفاء له ... الذئب من طبعه إن يقتدر يثب
وقال آخر:
عش ألف عام للوفاء وقلما ... ساد امرؤ إلا بحفظ وفائه
لصلاح فاسده وشعب صدوعه ... وبيان مشكله وكشف غطائه
وقال آخر:
ما أهون الإنسان إن وفاءه ... إما اتقاء أذى، وإما مغنم
عظمت على أخلاقه أكلافه ... وهو المصيَّر في الحياة المرغم
نقص التراب الضعف في أعراقه ... وابن التراب الصاغر المستسلم
وقال آخر:
إن الوفاء على الكريم فريضة ... واللؤم مقرون بذي الإخلاف
وترى الكريم لمن يعاشر منصفاً ... وترى اللئيم مجانب الإنصاف
وقال آخر:
ذهب التكرم والوفاء من الورى ... وتقرضا إلا من الأشعار
وفشت خيانات الثقات وغيرهم ... حتى اتهمنا رؤية الأبصار
وقال الرِّياشيّ:
إذا ذَهَب التكرُّم والوَفاء ... وباد رِجالُه وبَقِي الغُثَاءُ
وأَسْلَمني الزَّمانُ إلى رِجالٍ ... كأمْثال الذِّئاب لها عُواء
صَديق كلَّما استَغْنيت عنهم ... وأَعْداء إذا جَهَدَ البَلاء
إذا ما جئتهم يَتدافَعوني ... كأنِّي أجربٌ آذاه داء
أقولُ ولا ألاَم على مَقال على ... الإخوان كُلِّهم العَفاء
وقال آخر:
إذا قلت في شيء نعم فأتمه ... فأن نعم دين على الحر واجب
وإلا فقل لا تسترح وترح بها ... لئلا يقول الناس إنك كاذب
وقال آخر:
لا كلف الله نفسا فوق طاقتها ... ولا تجود يد إلا بما تجد
فلا تعد عدة إلا وفيت بها ... واحذر خلاف مقال للذي تعد ...
(١) ((غرر الخصائص الواضحة)) لمحمد بن إبراهيم بن يحيى (ص ٥٨٧).