للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نماذج من السلف في الكرم والجود:]

- قال محمد بن صبيحٍ: (لما قدم أبو الزناد الكوفة على الصدقات، كلم رجلٌ حماد بن أبي سليمان في رجلٍ يكلم له أبا الزناد، يستعين في بعض أعماله، فقال حمادٌ: كم يؤمل صاحبك من أبي الزناد أن يصيب معه؟ قال: ألف درهمٍ، قال: فقد أمرت له بخمسة آلاف درهمٍ، ولا يبذل وجهي إليه، قال: جزاك الله خيرًا، فهذا أكثر مما أمل ورجا. قال عثمان: وقال ابن السماك: فكلمه آخر في ابنه أن يحوله من كتابٍ إلى كتابٍ، فقال للذي يكلمه: إنما نعطي المعلم ثلاثين كل شهرٍ، وقد أجريناها لصاحبك مائةً، دع الغلام مكانه) (١).

- (وكان أبو مرثد أحد الكرماء فمدحه بعض الشعراء فقال للشاعر والله ما عندي ما أعطيك ولكن قدمني إلى القاضي وادع علي بعشرة آلاف درهم حتى أقر لك بها ثم احبسني فإن أهلي لا يتركوني محبوساً ففعل ذلك فلم يمس حتى دفع إليه عشرة آلاف درهم وأخرج أبو مرثد من الحبس) (٢).

- (وكان معن بن زائدة عاملاً على العراقيين بالبصرة فحضر بابه شاعر فأقام مدة وأراد الدخول على معن فلم يتهيأ له فقال يوماً لبعض خدام معن إذا دخل الأمير البستان فعرفني فلما دخل الأمير البستان أعلمه فكتب الشاعر بيتاً على خشبة وألقاها في الماء الذي يدخل البستان وكان معن على رأس الماء فلما بصر بالخشبة أخذها وقرأها فإذا مكتوب عليها:

أيا جود معن ناج معناً بحاجتي ... فما لي إلى معن سواك شفيع

فقال: من صاحب هذه؟ فدعي بالرجل، فقال له: كيف قلت؟ فقال له، فأمر له بعشر بدر فأخذها ووضع الأمير الخشبة تحت بسطاه فلما كان اليوم الثاني أخرجها من تحت البساط وقرأها ودعا بالرجل فدفع إليه مائة ألف درهم، فلما أخذها الرجل تفكر وخاف أن يأخذ منه ما أعطاه، فخرج فلما كان في اليوم الثالث قرأ ما فيها ودعا بالرجل، فطلب فلم يوجد، فقال معن: حق علي أن أعطيه حتى لا يبقى في بيت مالي ولا دينار) (٣).

- وقال حماد بن أبي حنيفة: (لم يكن بالكوفة أسخى على طعامٍ ومالٍ من حماد بن أبي سليمان، ومن بعده خلف بن حوشبٍ) (٤).

- و (كان مورقٌ يتجر، فيصيب المال، فلا يأتي عليه جمعةٌ وعنده منه شيءٌ، وكان يأتي الأخ، فيعطيه الأربع مائةٍ والخمس مائةٍ، ويقول: ضعها لنا عندك. ثم يلقاه بعد، فيقول: شأنك بها، لا حاجة لي فيها) (٥).

- وقال عبد الله بن الوسيم الجمال: (أتينا عمران بن موسى بن طلحة بن عبيد الله نسأله في دينٍ على رجلٍ من أصحابنا، فأمر بالموائد فنصبت، ثم قال: لا، حتى تصيبوا من طعامنا، فيجب علينا حقكم وذمامكم، قال: فأصبنا من طعامه، فأمر لنا بعشرة آلاف درهمٍ في قضاء دينه، وخمسة آلاف درهمٍ نفقةً لعياله) (٦).

- و (كان هشام بن حسان إذا ذكر يزيد بن المهلب يقول: إن كادت السفن لتجري في جوده) (٧).

- و (كان ناسٌ من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين، فقدوا ذلك الذي كانوا يؤتون بالليل) (٨).

- وقال أبو السوار العدوي: (كان رجالٌ من بني عدي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحدٌ منهم على طعامٍ قط وحده، إن وجد من يأكل معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد، فأكله مع الناس، وأكل الناس معه) (٩).

- وقال الليث بن سعدٍ: (كان ابن شهابٍ من أسخى من رأيت قط، كان يعطي كل من جاءه وسأله، حتى إذا لم يبق معه شيءٌ تسلف من أصحابه، فيعطونه، حتى إذا لم يبق معهم شيءٌ حلفوا له أنه لم يبق معهم شيءٌ، فيستلف من عبيده، فيقول لأحدهم: يا فلان، أسلفني كما تعرف، وأضعف لك كما تعلم فيسلفونه، ولا يرى بذلك بأسًا، وربما جاءه السائل، فلا يجد ما يعطيه، فيتغير عند ذلك وجهه، فيقول للسائل: أبشر، فسوف يأتي الله بخيرٍ قال: فيقيض الله لابن شهابٍ على قدر صبره واحتماله) (١٠).

- و (كان يقال للفضل بن يحيى حاتم الإسلام وخاتم الأجواد. وكان يقال: حدث عن البحر ولا حرج وعن الفضل ولا حرج) (١١).


(١) ((الكرم والجود وسخاء النفوس)) للبرجلاني (ص٥٧).
(٢) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (٣/ ٢٤٨).
(٣) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (٣/ ٢٤٨ - ٢٤٩).
(٤) ((الكرم والجود وسخاء النفوس)) للبرجلاني (ص٥٥).
(٥) ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (٤/ ٣٥١).
(٦) ((الكرم والجود وسخاء النفوس)) للبرجلاني (ص٥٥).
(٧) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (٤/ ٣٦٤).
(٨) ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (٤/ ٣٩٣).
(٩) ((الكرم والجود وسخاء النفوس)) للبرجلاني (ص٥٣).
(١٠) ((مكارم الأخلاق ومعاليها)) للخرائطي (ص١٩٧).
(١١) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (٤/ ٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>