للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الآثار السيئة لسوء الظن]

هنالك مضار وآثار سيئة لسوء الظن بالله وبالناس، ومن هذه الآثار أنه:

١ - سبب للوقوع في الشرك والبدعة والضلال:

سوء الظن بالله سبب في الوقوع في الشرك، قال ابن القيم: (الشرك والتعطيل مبنيان على سوء الظن بالله تعالى .. لأن الشرك هضم لحق الربوبية، وتنقيص لعظمة الإلهية، وسوء ظن برب العالمين، ولهذا قال إبراهيم إمام الحنفاء لخصمائه من المشركين: أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات: ٨٦ - ٨٧]) (١).

قال المقريزي: (اعلم أنك إذا تأملت جميع طوائف الضلال والبدع وجدت أصل ضلالهم راجعا إلى شيئين. أحدهما: .. الظن بالله ظن السوء) (٢).

٢ - صفة من لا يحبهم الله تعالى:

قال تعالى: وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ [فصلت: ٢٣].

قال ابن القيم: (كل مبطل وكافر ومبتدع مقهور مستذل، فهو يظن بربه هذا الظن وأنه أولى بالنصر والظفر والعلو من خصومه، فأكثر الخلق بل كلهم إلا من شاء الله يظنون بالله غير الحق ظن السوء، فإن غالب بني آدم يعتقد أنه مبخوس الحق ناقص الحظ، وأنه يستحق فوق ما أعطاه الله ولسان حاله يقول: ظلمني ربي ومنعني ما أستحقه، ونفسه تشهد عليه بذلك، وهو بلسانه ينكره، ولا يتجاسر على التصريح به، ومن فتش نفسه وتغلغل في معرفة دفائنها وطواياها رأى ذلك فيها كامنا كمون النار في الزناد) (٣).

٣ - سبب في استحقاق لعنة الله وغضبه:

قال تعالى: وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [الفتح:٦].

قال ابن القيم: (توعد الله سبحانه الظانين به ظن السوء بما لم يتوعد به غيرهم، كما قال تعالى: عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا [الفتح: ٦]) (٤).

٤ - يورث الإنسان الأخلاق السيئة:

سوء الظن يورث الإنسان الأخلاق السيئة كالجبن والبخل والشح والحقد والحسد والتباغض

قال ابن عباس: (الجبن والبخل والحرص غرائز سوء يجمعها كلها سوء الظن بالله عز وجل) (٥).

وقال ابن القيم: (الشح فهو خلق ذميم يتولد من سوء الظن وضعف النفس ويمده وعد الشيطان) (٦).

وقال المهلب: (التباغض والتحاسد أصلهما سوء الظن، وذلك أن المباغض والمحاسد يتأول أفعال من يبغضه ويحسده على أسوأ التأويل) (٧).

٥ - من أساء الظن أساء العمل:

قال الطبري – بسنده إلى الحسن -: (تلا الحسن: وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فقال: إنما عمل الناس على قدر ظنونهم بربهم; فأما المؤمن فأحسن بالله الظن، فأحسن العمل; وأما الكافر والمنافق، فأساءا الظن فأساءا العمل) (٨).

٦ - سبب في وجود الأحقاد والعداوة:


(١) انظر: ((إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان)) لابن القيم (١/ ٦٠ - ٦٢).
(٢) ((رسائل المقريزي)) للمقريزي (١/ ١٠٢) بتصرف يسير.
(٣) ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) ابن القيم (٣/ ٢١١) ((الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة)) لابن القيم (٤/ ١٣٥٦) ((الداء والدواء)) لابن القيم (١/ ١٣٨).
(٤) ((الداء والدواء)) لابن القيم (١/ ١٣٨).
(٥) ((الآداب الشرعية والمنح المرعية)) لابن مفلح (١/ ٤٧)
(٦) ((الروح)) لابن القيم (١/ ٢٣٧).
(٧) ((شرح صحيح البخارى)) لابن بطال (٩/ ٢٦١).
(٨) ((جامع البيان في تأويل القرآن)) للطبري (٢١/ ٤٥٦ - ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>