للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(عن المعرور بن سويد- رحمه الله تعالى- قال: لقيت أبا ذرّ بالرّبذة وعليه حلّة وعلى غلامه حلّة فسألته عن ذلك فقال: إنّي ساببت رجلا فعيّرته بأمّه فقال لي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ((يا أبا ذرّ أعيّرته بأمّه؟ إنّك امرؤ فيك جاهليّة، إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممّا يأكل، وليلبسه ممّا يلبس، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم، فإن كلّفتموهم فأعينوهم)) (١).

٦ - الأمر بإحسان القتلة والذبحة:

عن شدّاد بن أوس- رضي الله عنه- أنّه قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: ((إنّ الله كتب الإحسان على كلّ شيء. فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبح، وليحدّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته)) (٢).

٧ - النهي عن تعذيب الحيوان أو إخافته أو إجهاده أو إجاعته:

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض)) (٣).

وعلى نقيض هذه الصورة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم صورة أخرى لامرأة غفر الله لها ذنبها بسبب كلب:

عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((بينما كلب يطيف بركيّة كاد يقتله العطش، إذ رأته بغيّ من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به)) (٤).

قال السعدي رحمه الله معلقاً على هذين الحديثين: (ومن ذلك ما هو مشاهد مجرب، أن من أحسن إلى بهائمه بالإطعام والسقي والملاحظة النافعة، أن الله يبارك له فيها. ومن أساء إليها، عوقب في الدنيا قبل الآخرة، وقال تعالى: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة: ٣٢] وذلك لما في قلب الأول من القسوة والغلظة والشر، وما في قلب الآخر من الرحمة والرقة والرأفة، إذ هو بصدد إحياء كل من له قدرة على إحيائه من الناس، كما أن ما في قلب الأول من القسوة، مستعد لقتل النفوس كلها) (٥) ا. هـ.

وغير ذلك من الأحاديث التي تدل بمفهومها على الرحمة والحث عليها والتخلق بها.


(١) رواه البخاري (٣٠)، ومسلم (١٦٦١) من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
(٢) رواه مسلم (١٩٥٥) من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه.
(٣) رواه البخاري (٣٣١٨)، ومسلم (٢٢٤٢) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٤) رواه البخاري (٣٤٦٧).
(٥) ((بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار)) (١/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>