ويقول البزار أيضاً:(وحدثني من أثق به عن الشيخ وجيه الدين ابن المنجا قدس الله روحه قال: كنت حاضرا مع الشيخ حينئذ فجعل يعني الشيخ يحدث السلطان بقول الله ورسوله في العدل وغيره ويرفع صوته على السلطان في أثناء حديثه حتى جثا على ركبتيه وجعل يقرب منه في أثناء حديثه حتى لقد قرب أن تلاصق ركبته ركبة السلطان والسلطان مع ذلك مقبل عليه بكليته مصغ لما يقول شاخص إليه لا يعرض عنه وإن السلطان من شدة ما أوقع الله ما في قلبه من المحبة والهيبة سأل من يخصه من أهل حضرته من هذا الشيخ وقال ما معناه إني لم أر مثله ولا أثبت قلبا منه ولا أوقع من حديثه في قلبي ولا رأيتني أعظم انقيادا مني لأحد منه فأخبر بحاله وما هو عليه من العلم والعمل فقال الشيخ للترجمان قل لغازان أنت تزعم أنك مسلم ومعك قاضي وإمام وشيخ ومؤذنون على ما بلغنا فغزوتنا وأبوك وجدك كانا كافرين وما عملا الذي عملت عاهدا فوفيا وأنت عاهدت فغدرت وقلت فما وفيت وجرت وسأله إن أحببت أن أعمر لك بلد آبائك حران وتنتقل إليه ويكون برسمك فقال لا والله لا أرغب عن مهاجر إبراهيم صلى الله عليه وسلم وأستبدل به غيره، فخرج من بين يديه مكرما معززا قد صنع له الله بما طوى عليه نيته الصالحة من بذله نفسه في طلب حقن دماء المسلمين فبلغه ما أراده.
وكان ذلك أيضا سببا لتخليص غالب أسارى المسلمين من أيديهم وردهم على أهلهم وحفظ حريمهم. وهذا من أعظم الشجاعة والثبات وقوة الجأش) (١).