للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الصبر المندوب: فهو الصبر عن المكروهات، والصبر على المستحبات والصبر على مقابلة الجاني بمثل فعله.

وأما المحظور فأنواع: أحدها الصبر عن الطعام والشراب حتى يموت وكذلك الصبر عن الميتة والدم ولحم الخنزير عند المخمصة حرام إذا خاف بتركه الموت قال طاوس وبعده الإمام أحمد (من اضطر إلى أكل الميتة والدم فلم يأكل فمات دخل النار) ...

ومن الصبر المحظور: صبر الإنسان على ما يقصد هلاكه من سبع أو حيات أو حريق أو ماء أو كافر يريد قتله، بخلاف استسلامه وصبره في الفتنة وقتال المسلمين فإنه مباح له بل يستحب، كما دلت عليه النصوص الكثيرة.

وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه المسألة بعينها فقال: ((كن كخير ابني آدم)) (١) وفي لفظ ((كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل)) (٢) ...

وأما الصبر المكروه فله أمثلة:

أحدها: أن يصبر عن الطعام والشراب واللبس وجماع أهله حتى يتضرر بذلك بدنه.

الثاني: صبره عن جماع زوجته إذا احتاجت إلى ذلك ولم يتضرر به.

الثالث: صبره على المكروه.

الرابع: صبره عن فعل المستحب.

وأما الصبر المباح: فهو الصبر عن كل فعل مستوى الطرفين خير بين فعله وتركه والصبر عليه.

وبالجملة فالصبر على الواجب واجب وعن الواجب حرام، والصبر عن الحرام واجب وعليه حرام. والصبر على المستحب مستحب وعنه مكروه، والصبر عن المكروه مستحب وعليه مكروه، والصبر عن المباح مباح والله أعلم) (٣).


(١) رواه أبو داود (٤٢٥٩)، وابن ماجه (٣٩٦١)، وأحمد (٤/ ٤١٦) (١٩٧٤٥) من حديث أبي موسى رضي الله عنه. وصححه ابن دقيق العيد في ((الاقتراح)) (١٠١)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (٢٠٤٩).
(٢) رواه أحمد (٥/ ١١٠) (٢١١٠١)، والطبراني في ((الكبير)) (٤/ ٥٩)، وأبو يعلى (١٣/ ١٧٦) من حديث خباب بن الأرت رضي الله عنه. قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٧/ ٣٠٥): [فيه من] لم أعرف، وبقية رجاله رجال الصحيح. وقال الألباني في ((إرواء الغليل)) (٨/ ١٠٣): رجاله ثقات غير الرجل الذي لم يسم وله شاهد.
(٣) ((عدة الصابرين)) لابن قيم الجوزية – بتصرف- (ص: ٥٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>