للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالنوابغ يحتاجون إلى توجيه مستمر، وإلى رعاية وصيانة، وإلى أن تهيء لهم مقومات النبوغ والألمعية.

فإذا نشأ الألمعي النابغة في مجتمع يقدره قدره، وينظر إليه بعين الإكبار والتجلة – هفت نفسه لكل فضيلة، ورنت عينه إلى كل بطولة، فيزداد بذلك جدا في الطلب، وسعياً إلى أقصى درجات الكمال.

٩ - وجود المربين الأفذاذ، والمعلمين القدوات:

الذين يستحضرون عظم المسؤولية، ويستشعرون ضخامة الأمانة، والذين يتسمون ببعد النظرة، وعلو الهمة، وسعة الأفق وحسن الخلق، والذين يتحلون بالحلم والعلم، والصبر والشجاعة، وكرم النفس والسماحة.

١٠ - الأحداث التي تمر بالأمة:

فالأحداث الجسام التي مرت بالأمة هي مما يبعث الهمم، ويوقظ العزائم؛ لأن تلك الأحداث بمثابة جرس الإنذار، وناقوس الخطر الذي يؤذن بهلاك الأمة وفنائها.

فإذا رأت الأمة ما هي عليه من الضعف، والتردي، وتسلط الأعداء – بدأت في التفكير السليم، والعمل الجاد، الذي ترد به المعتدي، وتستعيد به عزها ومجدها.

١١ - المواقف التي تمر بالإنسان:

فكما أن الأحداث والمواقف التي تمر بالأمة تكون سبباً من أسباب علو الهمة – فكذلك الفرد نفسه إذا مرت به أحداث ومواقف، وتقلبات في حياته، من محن، وبلايا وغير ذلك – فإنها تؤثر فيه، وتترك أثرها في نفسه، وقد تكون سبباً لنهوضه ورفعته.

١٢ - مطالعة سير الأبطال والمصلحين والنابغين:

فإن مطالعة سيرهم، وقراءة تراجمهم، المحررة بأقلام تشرح نواحي العظمة فيهم، وتصف آثارهم، وتبين ما يخصه بهم عظماء الرجال من تقدير وتمجيد – كل ذلك مما يبعث الهمة، ويوقظ العزمة؛ ذلك أن حياة أولئك تتمثل أمام القارئ، وتوحي بالاقتداء بهم، والسير على منوالهم.

١٣ - استشعار المسؤولية:

وذلك بأن يستشعر الإنسان مسؤوليته، ويعمل ما في وسعه ومقدوره، ويحذر كل الحذر من التهرب من المسؤولية، والإلقاء باللائمة والتبعة على غيره؛ ذلك أن المسؤولية في الإسلام عامة، تشمل كل فرد من المسلمين؛ فهم جميعاً داخلون في عموم قوله – صلى الله عليه وسلم: ((كلكم راع وكلم مسؤول عن رعيته)) (١).

فالمسؤولية مشتركة، كل امرئ بحسبه، هذا بتعليمه وكلامه، وهذا بوعظه وإرشاده، وهذا بقوته وماله، وهذا بجاهه وتوجيهه إلى السبيل النافع وهكذا.

١٤ - السلامة من الغرور ومن المبالغة في احتقار النفس:

فهذان الأمران من أعظم الأسباب لدنو الهمم، والسلامة منهما من أعظم الأسباب لعلوها.

أما الغرور فهو أن يحتقر المرء كل من عداه، وأن يتطاول إلى ما ليس في قدرته، وأن يتدخل فيما ليس من شأنه، وأن يحكم على ما لم يخط به علمه ... أما المرض الثاني فهو المبالغة في احتقار النفس؛ فتجد من الناس من هو محطم النفس، مسلوب الإرادة، فاقد الأمل، قليل الثقة بنفسه وبأمته، لا يرى أن باستطاعته أن يقوم بشيء في هذه الحياة.

وما أقسى هذا الداء، وما أمره على الأمة؛ إذ يشل حركتها، ويجعلها ذليلة أمام كل جبار، ضعيفة أمام كل قوي) (٢).


(١) رواه البخاري (٨٩٣)، ومسلم (١٨٢٩).
(٢) من ٥ - ١٤ من كتاب ((الهمة العالية)) لمحمد إبراهيم الحمد (ص: ١٠١) باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>