للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون: ٥١] وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة: ١٧٢]، ثم ذكر العبد يطيل السفر أشعث أغبر رافعا يديه يا رب يا رب. مطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لهذا)) (١).

عن القاسم قال: كان لأبي بكر رحمه الله غلام يأتيه بكسبه كل ليلة ويسأله من أين أصبت؟ فيقول: أصبت من كذا فأتاه ذات ليلة بكسبه، وأبو بكر قد ظل صائما، فنسي أن يسأله، فوضع يده فأكل، فقال الغلام: يا أبا بكر كنت تسألني كل ليلة عن كسبي إذا جئتك فلم أرك سألتني عنه الليلة؟ قال: فأخبرني من أين هو؟ قال: تكهنت لقوم في الجاهلية، فلم يعطوني أجري حتى كان اليوم فأعطوني، وإنما كانت كذبة، فأدخل أبو بكر يده في حلقه، فجعل يتقيأ فذهب الغلام فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: إني كذبت أبا بكر فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، أحسبه قال ضحكا شديدا، وقال: ((إن أبا بكر يكره أن يدخل بطنه إلا طيبا)) (٢).

وعن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من استطاع منكم ألا يجعل في بطنه إلا طيبا فليفعل؛ فإن أول ما ينتن من الإنسان بطنه)) (٣).

وعن أبي صالح الحنفي قال: (دخلت على أم كلثوم فقالت: ائتوا أبا صالح بطعام فأتوني بمرقة فيها جنوب، فقلت أتطعموني هذا وأنتم أمراء؟ قالت: كيف لو رأيت أمير المؤمنين عليا، وأتي بأترج، فأخذ الحسن أو الحسين منها أترجة لصبي لهم، فانتزعها من يده، وقسمها بين المسلمين) (٤).

٦ - الورع في الفرج:

قال سفيان بن عيينة: (لو أن رجلا لعب بغلام بين أصبعين من أصابع رجله يريد بذلك الشهوة، لكان لواطا) (٥).

٧ - الورع في الفتوى:

كان الصحابة ومن بعدهم من التابعين رضي الله عنهم يتورعون أشد الورع عن الفتوى فكانوا يدفعون الفتوى عن أنفسهم ولا يُقدمون عليها

فعن البراء رضي الله عنه قال: (لقد رأيت ثلاثمائة من أهل بدر ما منهم من أحد إلا وهو يحب أن يكفيه صاحبُه الفتوى) (٦).

وقال ابن أبي ليلى: (أدركت مئة وعشرين من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يُسأل أحدهم المسألة فيردها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول وما منهم من أحد يحدث بحديث أو يُسأل عن شيء إلا ودّ أنّ أخاه كفاه) (٧).

وقال عطاء بن السائب: (أدركت أقواماً إن كان أحدهم ليسأل عن الشيء فيتكلم وإنه ليرعد) (٨).

ويقول نفيس بن الأشعث: (كان محمد بن سيرين إذا سئل عن شيء من فقه الحلال والحرام تغير لونه وتبدل حتى كأنه ليس بالذي كان) (٩).

وقال أبو حصين عثمان بن عاصم التابعي الجليل: (إن أحدهم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر لجمع لها أهل بدر) (١٠).


(١) رواه مسلم (١٠١٥).
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في ((الورع)) (ص٨٤).
(٣) رواه البخاري (٧١٥٢)، وابن أبي الدنيا في ((الورع)) (ص٨٦) واللفظ له.
(٤) ((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص: ٩١).
(٥) ((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص: ٩٤).
(٦) رواه الخطيب في ((تاريخ بغداد)) (٨/ ٢٧٦).
(٧) ((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (٢/ ٦١).
(٨) ((من هدي السلف في طلب العلم)) أبو ياسر الزهراني (ص٤٣).
(٩) ((صفة الصفوة)) لمحمد بن سيرين (٢/ ١٤٤).
(١٠) ((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (٢/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>