للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السعدي: (ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن والبهتان: الافتراء على الغير أي: لا يفترين بكل حالة، سواء تعلقت بهن وأزواجهن أو سواء تعلق ذلك بغيرهم) (١).

ذم الافتراء والبهتان في السنة النبوية:

- عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يري عينه ما لم تر، أو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل)) (٢).

قال العيني في شرحه للحديث: (قوله: الفرى .. جمع: فرية وهي الكذب والبهت ... قوله: أن يدعي الرجل، أي: أن ينتسب إلى غير أبيه. قوله: أو يري عينه ما لم تر، حاصل المعنى: أن يدعي أن عينيه رأتا في المنام شيئا وما رأتاه، ... فإن قلت: إن كذبه في المنام لا يزيد على كذبه في اليقظة، فلم زادت عقوبته؟ قلت: لأن الرؤيا جزء من النبوة والنبوة لا تكون إلا وحيا، والكاذب في الرؤيا يدعي أن الله أراه ما لم يره وأعطاه جزءا من النبوة ولم يعطه، والكاذب على الله أعظم فرية ممن كذب على غيره. قوله: (أو يقول) ... (أو تقَوَّل) ... ومعناه: افترى. قوله: (ما لم يقل) ... أي: ما لم يقل الرسول. وفي الحديث: تشديد الكذب في هذه الأمور الثلاثة) (٣).

- وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعظم الناس فرية اثنان: شاعر يهجو القبيلة بأسرها ورجل انتفى من أبيه)) (٤).

قال المناوي: (أعظم الناس فرية بالكسر أي كذبا اثنان أحدهما شاعر يهجو من الهجو القبيلة المسلمة بأسرها أي كلها لإنسان واحد منهم كان ما يقتضيه لأن القبيلة لا تخلو من عبد صالح فهاجي الكل قد تورط في الكذب على التحقيق فلذلك قال أعظم فرية) (٥).

قال السندي: (قوله: ورجل انتفى من أبيه أي: بأن نسب نفسه إلى غير أبيه (وزنى) بتشديد النون من التزنية، أي: نسبها إلى الزنا؛ لأن كونه ابنا للغير لا يكون إلا كذلك) (٦).

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته)) (٧).

قال النووي: (يقال بهته بفتح الهاء مخففة قلت فيه البهتان وهو الباطل والغيبة ذكر الإنسان في غيبته بما يكره وأصل البهت أن يقال له الباطل في وجهه وهما حرامان) (٨).


(١) (([٢٨٦٥] ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)) للسعدي (ص ٨٥٧)
(٢) (([٢٨٦٦] رواه البخاري (٣٥٠٩).
(٣) (([٢٨٦٧] انظر ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) لبدر الدين العيني (١٦/ ٨٠) بتصرف يسير.
(٤) (([٢٨٦٨] رواه ابن ماجه (٣٠٤٤)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (١/ ١٣)، وابن حبان (١٣/ ١٠٢) (٥٧٨٥) واللفظ له، والبيهقي (١٠/ ٢٤١) (٢١٦٥٩). قال البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (٢/ ٢٣٨): إسناده صحيح، رجاله ثقات، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (١٠/ ٥٥٥): إسناده حسن، وحسنه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (١١٨٩)، وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه))، وقال الوادعي في ((الصحيح المسند)) (١٦٤٦): صحيح، رجاله رجال الصحيح، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيق ((صحيح ابن حبان)): إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(٥) (([٢٨٦٩] ((فيض القدير شرح الجامع الصغير)) للمناوي (٢/ ٧).
(٦) (([٢٨٧٠] ((حاشية السندي على سنن ابن ماجة)) للسندي (٢/ ٤١١).
(٧) (([٢٨٧١] رواه مسلم (٢٥٨٩).
(٨) (([٢٨٧٢] ((شرح مسلم)) للنووي (١٦/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>