للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وقيل: (البخل هو نفس المنع والشح الحالة النفسية التي تقتضي ذلك المنع) (١).

- وقيل أن الشح هو البخل مع زيادة الحرص وهو ما رجحه الإمام القرطبي رحمه الله فقال: وقيل: إن الشح هو البخل مع حرص. وهو الصحيح لما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم)) (٢). وهذا يرد قول من قال: إن البخل منع الواجب، والشح منع المستحب. إذ لو كان الشح منع المستحب لما دخل تحت هذا الوعيد العظيم، والذم الشديد الذي فيه هلاك الدنيا والآخرة. ويؤيد هذا المعنى ما رواه النسائي عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري رجل مسلم أبدأ ولا يجتمع شح وإيمان في قلب رجل مسلم أبدا)) (٣). (٤).

- ويرى ابن القيم أن (الفرق بين الشح والبخل أن الشح هو شدة الحرص على الشيء والإحفاء في طلبه والاستقصاء في تحصيله وجشع النفس عليه والبخل منع إنفاقه بعد حصوله وحبه وإمساكه فهو شحيح قبل حصوله بخيل بعد حصوله فالبخل تمرة الشح والشح يدعو إلى البخل والشح كامن في النفس فمن بخل فقد أطاع شحه ومن لم يبخل فقد عصى شحه ووقي شره وذلك هو المفلح وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر: ٩]) (٥) ..


(١) كتاب ((الكليات)) لأبى البقاء الكفوي (١/ ٣٦١).
(٢) رواه مسلم (٢٥٧٨).
(٣) رواه النسائي (٦/ ١٤)، وابن ماجه (٢٢٥٦)، وأحمد (٢/ ٢٥٦) (٧٤٧٤)، وابن حبان (٨/ ٤٣) (٣٢٥١)، والحاكم (٢/ ٨٢)، والبيهقي (٩/ ١٦١) (١٨٩٧٨). قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وصححه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)).
(٤) ((تفسير القرطبي)) (٤/ ٢٩٣).
(٥) ((الوابل الصيب)) (ص٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>