للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو السعود في تفسيره: (فإن مناط الخيرية في الفريقين ليس ما يظهر للناس من الصور والأشكال ولا الأوضاع والأطوار التي عليها يدور أمر السخرية غالبا بل إنما هو الأمور الكامنة في القلوب فلا يجترئ أحد على استحقار أحد فلعله أجمع منه لما نيط به الخيرية عند الله تعالى فيظلم نفسه بتحقير من وقره الله تعالى والاستهانة بمن عظمه الله تعالى) (١).

الفرق بين الهمز واللمز:

(قال المبرد: الهمز هو أن يهمز الإنسان بقول قبيح من حيث لا يسمع أو يحثه ويوسده على أمر قبيح أي يغريه به، واللمز أجهر من الهمز وفي القرآن هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ولم يقل لمزات لأن مكايدة الشيطان خفية، قال الشيخ رحمه الله: المشهور عند الناس إن اللمز العيب سرا، والهمز العيب بكسر العين وقال قتادة: يلمزك في الصدقات يطعن عليك وهو دال على صحة القول الأول

الفرق بين الهمزة واللمزة:

قيل هما بمعنى. وقيل بينهما فرق.

فإن الهمزة: الذي يعكس بظهر الغيب.

واللمزة: الذي يعكس في وجهك.

وقيل: الهمزة: الذي يؤذي جليسه بسوء لفظه.

واللمزة: الذي يكثر عيبه على جليسه، ويشير برأسه، ويومئ بعينه) (٢).

٣ - التنابز بالألقاب:

(اللقب: هو ما يدعى به الشخص من لفظ غير اسمه وغير كنيته، وهو قسمان: قبيح، وهو ما يكرهه الشخص لكونه تقصيراً به وذماً؛ وحسن، وهو بخلاف ذلك، كالصديق لأبي بكر، والفاروق لعمر، وأسد الله لحمزة، رضي الله تعالى عنهم) (٣).

قال ابن عباس: (التنابز بالألقاب أن يكون الرجل قد عمل السيئات ثم تاب، فنهى الله أن يعير بما سلف) (٤).

ثم إن التنابز بالألقاب التي هي (مما يؤذي الناس، إذ يحمل معنى التحقير والإهانة، نهى الله عنه، وجعله من المحرمات، وجعله من الفسوق والظلم، وربما يصل التنابز بالألقاب إلى مستوى الشتيمة، كالنبز بالحمار والثور والكلب ونحو ذلك.

ومن شأن التنابز بالألقاب أنه يقطع أواصر الأخوة الإيمانية، ويفسد المودات ويولد العداوات والأحقاد، وربما يوصل إلى التقاتل مع ثورات الغضب وهيجان الحماقات) (٥).

ويستثنى من النهي بالتنابز بالألقاب؛ الألقاب الحسنة كالصديق، والفاروق وغيرها. وكذلك التي هي للشهرة كالأعمش وغيرها.

قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ [الحجرات: ١١]: (من لقب أخاه وسخر به فهو فاسق. والسخرية الاستحقار والاستهانة، والتنبيه على العيوب والنقائص يوم يضحك منه، وقد يكون بالمحاكاة بالفعل أو القول أو الإشارة أو الإيماء أو الضحك على كلامه إذا تخبط فيه أو غلط أو على صنعته أو قبيح صورته) (٦).

وقال الخازن: (قال بعض العلماء: المراد بهذه الألقاب ما يكرهه المنادى به أو يفيد ذما له، فأما الألقاب التي صارت كالأعلام لأصحابها كالأعمش والأعرج وما أشبه ذلك فلا بأس بها إذا لم يكرهها المدعو بها، وأما الألقاب التي تكسب حمدا ومدحا تكون حقا وصدقا فلا يكره كما قيل لأبي بكر: عتيق، ولعمر: الفاروق، ولعثمان: ذو النورين ولعلي: أبو تراب ولخالد سيف الله ونحو ذلك) (٧).

٤ - التعيير والتهكم:


(١) ((إرشاد العقل السليم)) لأبي السعود (٦/ ١٨٦).
(٢) ((الفروق)) لأبي هلال العسكري (ص ٥٥٩).
(٣) ((تفسير البحر المحيط)) لأبي حيان الأندلسي (٨/ ٧٩).
(٤) رواه الطبري في ((جامع البيان)) (٢٢/ ٣٠١ - ٣٠٢).
(٥) ((الأخلاق الإسلامية)) لعبد الرحمن الميداني (٢/ ٢٢٧).
(٦) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) للهيتمي (٢/ ٣٤).
(٧) ((لباب التأويل)) للخازن (٤/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>