للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات: ١٢].

٨ - أن يتأول ما ظاهره السوء وأن يجد له مخرجاً:

قال عمر بن الخطاب: (لا يحل لامرئٍ مسلم سمع من أخيه كلمة أن يظن بها سوءاً، وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجاً) (١).

وقال ابن عباس رضي الله عنه: (ما بلغني عن أخٍ مكروهٌ قطّ إلا أنزلته إِحدى ثلاث منازل: إن كان فَوقي عرفتُ له قدره، وإن كان نظيري تفضّلت عليه، وإن كان دوني لم أحفل به. هذه سيرتي في نفسي، فمن رغب عنها فأرضُ الله واسعة) (٢).

٩ - عدم مصاحبة من ابتلي بإساءة الظن:

قال أبو حاتم البستي: (الواجب على العاقل أن يجتنب أهل الريب لئلا يكون مريبا فكما أن صحبة الأخيار تورث الخير كذلك صحبة الأشرار تورث الشر) (٣).

١٠ - البعد عن مواطن التهم والريب:

عن صفية بنت حيي، قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا، فحدثته ثم قمت فانقلبت، فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلكما إنها صفية بنت حيي فقالا سبحان الله يا رسول الله قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما سوءا، أو قال: شيئا)) (٤).

قال ابن بطال: (في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنها صفية)) السنة الحسنة لأمته، أن يتمثلوا فعله ذلك في البعد عن التهم ومواقف الريب) (٥).

وقال الغزالي: (حتى لا يتساهل العالم الورع المعروف بالدين في أحواله فيقول مثلي لا يظن به إلا الخير إعجابا منه بنفسه فإن أورع الناس وأتقاهم وأعلمهم لا ينظر الناس كلهم إليه بعين واحدة بل بعين الرضا بعضهم وبعين السخط بعضهم ... فيجب الاحتراز عن ظن السوء وعن تهمة الأشرار فإن الأشرار لا يظنون بالناس كلهم إلا الشر) (٦).

وقال أيضاً: - ينبغي على المرء - (أن يتقي مواضع التهم صيانة لقلوب الناس عن سوء الظن ولألسنتهم عن الغيبة فإنهم إذا عصوا الله بذكره وكان هو السبب فيه كان شريكا قال الله تعالى: وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام: ١٠٨]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((كيف ترون من يسب أبويه فقالوا: وهل من أحد يسب أبويه فقال: نعم يسب أبوي غيره فيسبون أبويه))) (٧).


(١) ذكره ابن عبدالبر في ((التمهيد)) (١٨/ ٢٠).
(٢) ذكره ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (٢/ ١٣) وعزاه إلى أبي حفص العكبري في ((الأدب)).
(٣) ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) لأبي حاتم البُستي (١/ ١٠٠).
(٤) رواه البخاري (٣٢٨١)، ومسلم (٢١٧٥).
(٥) ((شرح صحيح البخارى)) لابن بطال (٤/ ١٧٥).
(٦) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (٣/ ٣٦).
(٧) ((إحياء علوم الدين)) لأبي حامد الغزالي (٢/ ٢٠١) والحديث أصله في الصحيحين رواه البخاري (٥٩٧٣)، ومسلم (٩٠) ولفظ البخاري: (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه. قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه). من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>