للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن بطال: (وأشار صلى الله عليه وسلم بهذا المثل إلى ذم الحرص على الدنيا والشره على الازدياد منها؛ ولذلك آثر أكثر السلف التقلل من الدنيا والقناعة والكفاف فراراً من التعرض لما لا يعلم كيف النجاة من شر فتنته، واستعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من شر فتنة الغنى، وقد علم كل مؤمن أن الله تعالى قد أعاذه من شر كل فتنة، وإنما دعاؤه بذلك صلى الله عليه وسلم تواضعاً لله وتعليماً لأمته، وحضاً لهم على إيثار الزهد في الدنيا) (١).

- وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((من غزا في سبيل الله ولم ينو إلا عقالاً فله ما نوى)) (٢).

قال الطيبي: (هو مبالغة في قطع الطمع عن الغنيمة، بل ينبغي أن يكون خالصاً لله تعالى غير مشوب بأغراض دنيوية) (٣).

- وعن عياض بن حمار - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ((أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قرب ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال. وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زبر له، الذين فيكم تبع لا يبغون أهلا ولا مالا، والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك، وذكر البخل أو الكذب. والشنظير: الفحاش)) (٤).

قال القاري: (والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه: هو إغراق في وصف الطمع، والخيانة تابعة له، والمعنى أنه لا يتعدى عن الطمع، ولو احتاج إلى الخيانة، ولهذا قال الحسن البصري: الطمع فساد الدين والورع صلاحه) (٥).

- وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اتقوا الظلم فإن الظلم؛ ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم؛ حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم)) (٦).

قال ابن عثيمين: ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((واتقوا الشح)) يعني الطمع في حقوق الغير. اتقوه: أي احذروا منه، واجتنبوه (٧).


(١) ((شرح صحيح البخاري)) (١٠/ ١٦٠).
(٢) رواه النسائي (٣١٣٨). وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (٨٨٧٤)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (٦٤٠١).
(٣) ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للقاري (٦/ ٢٤٩١).
(٤) رواه مسلم (٢٨٦٥).
(٥) ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للقاري (٧/ ٣١٠٨).
(٦) رواه مسلم (٢٥٧٨).
(٧) ((شرح رياض الصالحين)) (٣/ ٤١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>