للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فلم أزل أطلبه في البلد حتى وجدته فوقعت على رجليه أقبلهما وأبكي وقلت: يا سيدي سألتك بالله إلا ما عفوت عني، فقال لي: ومن أنت؟ فقلت أنا الذي أخذت منك السمكة غصبا، وذكرت له ما جرى وأريته يدي فبكى حين رآها ثم قال: يا أخي قد حاللتك منها لما قد رأيت بك من هذا البلاء، فقلت له: بالله يا سيدي هل كنت دعوت علي لما أخذتها منك؟ قال: نعم.

قلت: اللهم هذا تقوى علي بقوته على ضعفي وأخذ مني ما رزقتني ظلما فأرني فيه قدرتك، فقلت له: يا سيدي قد أراك الله قدرته في وأنا تائب إلى الله عز وجل عما كنت عليه) (١).

٤ - قصة تبين نهاية الظالمين، وهي أن أحمد ابن أبي دؤاد، ومحمد بن عبد الملك بن الزيات، وهرثمة، كانوا ممن ظلموا الإمام أحمد في محنة القول بخلق القرآن، فكانت نهايتهم كما ذكرها ابن كثير في (البداية والنهاية) قال: (دخل عبد العزيز بن يحيى الكتاني - صاحب كتاب الحيدة - على المتوكل وكان من خيار الخلفاء لأنه أحسن الصنيع لأهل السنة، بخلاف أخيه الواثق وأبيه المعتصم وعمه المأمون، فإنهم أساؤوا إلى أهل السنة وقربوا أهل البدع والضلال من المعتزلة وغيرهم، فأمره أن ينزل جثة أحمد بن نصر ويدفنه ففعل، وقد كان المتوكل يكرم الإمام أحمد بن حنبل إكراما زائدا جدا.

والمقصود أن عبد العزيز صاحب كتاب الحيدة قال للمتوكل: يا أمير المؤمنين ما رأيت أو ما رئي أعجب من أمر الواثق، قتل أحمد بن نصر وكان لسانه يقرأ القرآن إلى أن دفن.

فوجل المتوكل من كلامه وساءه ما سمع في أخيه الواثق، فلما دخل عليه الوزير محمد بن عبد الملك بن الزيات قال له المتوكل: في قلبي شيء من قتل أحمد بن نصر.

فقال: يا أمير المؤمنين أحرقني الله بالنار إن قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافرا ودخل عليه هرثمة فقال له في ذلك فقال: قطعني الله إربا إربا إن قتله إلا كافرا.

ودخل عليه القاضي أحمد بن أبي دؤاد فقال له مثل ذلك فقال: ضربني الله بالفالج إن قتله الواثق إلا كافرا.

قال المتوكل: فأما ابن الزيات فأنا أحرقته بالنار.

وأما هرثمة فإنه هرب فاجتاز بقبيلة خزاعة فعرفه رجل من الحي فقال: يا معشر خزاعة هذا الذي قتل ابن عمكم أحمد بن نصر فقطعوه. فقطعوه إربا إربا. وأما ابن أبي دؤاد فقد سجنه الله في جلده - يعني بالفالج - ضربه الله قبل موته بأربع سنين، وصودر من صلب ماله بمال جزيل جدا) (٢).


(١) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) (٢/ ١٢٤).
(٢) ((البداية والنهاية)) لابن كثير (١٠/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>