للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مُرَجِّلٌ جَمَّتَهُ إذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (١).

قال أبو العباس القرطبي: (يفيد هذا الحديث ترك الأمن من تعجيل المؤاخذة على الذنوب، وأن عجب المرء بنفسه وثوبه وهيئته حرام وكبيرة) (٢).

- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من رجل يتعاظم في نفسه ويختال في مشيته إلا لقي الله وهو عليه غضبان)) (٣).

يقول المناوي في شرح هذا الحديث: ((مَا من رجل) أَي إنسان وَلَو أُنْثَى (يتعاظم فِي نَفسه يختال فِي مَشْيه) فِي غير الْحَرْب (إلا لقي الله تَعَالَى) يَوْم الْقِيَامَة أَو بِالْمَوْتِ (وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان) لأنه لَا يحب المستكبرين, وَمَا لِابْنِ آدم وللتعاظم وإنما أَوله نُطْفَة مذرة وَآخره جيفة قذرة وَهُوَ فِيمَا بَين ذَلِك يحمل الْعذرَة وَقد خلق فِي غَايَة الضعْف تستولي عَلَيْهِ الأمراض والعلل وتتضاه فِيهِ الطبائع فيهدم بَعْضهَا بَعْضًا فيمرض كرها وَيُرِيد أن يعلم الشيء فيجهله وأن ينسى الشيء فيذكره وَيكرهُ الشيء فينفعه ويشتهي الشيء فيضره معرض للآفات فِي كل وَقت ثمَّ آخِره الْمَوْت وَالْعرض لِلْحسابِ وَالْعِقَاب فإن كَانَ من أهل النَّار فالخنزير خير مِنْهُ فَمن أَيْن يَلِيق بِهِ التعاظم وَهُوَ عبد مَمْلُوك لَا يقدر على شيء) (٤).

- وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر منه العجب)) (٥).

قال المناوي رحمه الله تعليقاً على هذا الحديث: (لأن العاصي يعترف بنقصه فترجى له التوبة والمعجب مغرور بعمله فتوبته بعيدة) (٦).

- وعن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يدخلون الجنة الشيخ الزاني والإمام الكذاب والعائل المزهو)) (٧).

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث منجيات وثلاث مهلكات فأما المنجيات: فتقوى الله في السر والعلانية والقول بالحق في الرضى والسخط والقصد في الغنى والفقر. وأما المهلكات: فهوى متبع وشح مطاع وإعجاب المرء بنفسه وهي أشدهن)) (٨).

قال الملا علي القاري: ((وإعجاب المرء بنفسه) أي: باستحسان أعمالها وأحوالها أو مالها وجمالها وسائر ما يتوهم أنه من كمالها (وهي أشدهن) أي: أعظمهن وزرا وأكثرهن ضررا لأنه يتصور أن يتوب من متابعة الهوى، ومن رذيلة البخل، والمعجب مغرور ومزين فهو محبوب لا يرجى زواله كالمبتدع، فإنه قل أن يتوب من بدعته. وقال الطيبي: لأن المعجب بنفسه متبع هواه ومن هوى النفس الشح المطاع) (٩).


(١) رواه البخاري (٥٧٨٩)، ومسلم (٢٠٨٨).
(٢) ((طرح التثريب)) (٨/ ١٦٩).
(٣) رواه أحمد (٢/ ١١٨) (٥٩٩٥)، والحاكم (١/ ١٢٨) (٢٠١)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (٥٤٩). قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وقال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٣/ ٣٥٧): رواته محتج بهم في الصحيح. وصحح إسناده البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (٧/ ٣٧٣).
(٤) ((فيض القدير شرح الجامع الصغير)) (٢/ ٣٦٢).
(٥) رواه الشهاب القضاعي في ((مسنده)) (٢/ ٣٢٠) (١٤٤٧)، والبزار كما في ((الترغيب والترهيب)) (٣/ ٣٥٨) (٤٤٣١). وجوّد إسناده المنذري، وحسنه لغيره الألباني في ((صحيح الترغيب)) (٢٩٢١).
(٦) ((فيض القدير شرح الجامع الصغير)) (٥/ ٤٢٢).
(٧) رواه البزار (٦/ ٤٩٣) (٢٥٢٩). وجوَّد إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٣/ ١٨٩)، وقال الهيثمي في ((المجمع)) (٦/ ٢٥٥):رجاله رجال الصحيح غير العباس بن أبي طالب، وهو ثقة.
(٨) رواه البيهقي في ((الشعب)) (٩/ ٣٩٦). وحسنه الألباني بشواهده في ((تخريج المشكاة)) (٥١٢٢).
(٩) ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) (٨/ ٣١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>