للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن تيمية: (واجتماع القوة والأمانة في الناس قليل ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول اللهم أشكو إليك جلد الفاجر وعجز الثقة فالواجب في كل ولاية الأصلح بحسبها فإذا تعين رجلان أحدهما أعظم أمانة والآخر أعظم قوة قدم أنفعهما لتلك الولاية وأقلهما ضررا فيها فيقدم في إمارة الحروب الرجل القوى الشجاع وان كان فيه فجور على الرجل الضعيف العاجز وإن كان أمينا كما سئل الإمام أحمد عن الرجلين يكونان أميرين في الغزو وأحدهما قوي فاجر والآخر صالح ضعيف مع أيهما يغزى فقال أما الفاجر القوي فقوته للمسلمين وفجوره على نفسه وأما الصالح الضعيف فصلاحه لنفسه وضعفه على المسلمين فيغزى مع القوي الفاجر وقد قال النبي ((إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر)) (١). وروي ((بأقوام لا خلاق لهم)) (٢)، وإن لم يكن فاجرا كان أولى بإمارة الحرب ممن هو أصلح منه في الدين إذا لم يسد مسده) (٣).

٧– الأمانة في الشهادة:

(وتكون الأمانة في الشهادة بتحملها بحسب ما هي عليه في الواقع، وبأدائها دون تحريف أو تغيير أو زيادة أو نقصان.

٨ – الأمانة في القضاء:

وتكون الأمانة في القضاء بإصدار الأحكام وفق أحكام العدل التي استؤمن القاضي عليها، وفوض الأمر فيها إليه.

٩– الأمانة في الكتابة:

وتكون الأمانة في الكتابة بأن تكون على وفق ما يمليه ممليها، وعلى وفق الأصل الذي تنسخ عنه، فلا يكون فيها تغيير ولا تبديل ولا زيادة ولا نقص وإذا كانت من إنشاء كاتبها فالأمانة فيها أن تكون مضامينها خالية من الكذب والتلاعب بالحقائق إلى غير ذلك.

١٠– الأمانة في الأسرار التي يستأمن الإنسان على حفظها وعدم إفشائها:

وتكون الأمانة فيها بكتمانها) (٤).

قال ابن عثيمين: (ومن الأمانات ما يكون بين الرجل وصاحبه من الأمور الخاصة التي لا يجب أن يطلع عليها أحد فإنه لا يجوز لصاحبه أن يخبر بها فلو استأمنت على حديث حدثك به وقال لك هذا أمانة فإنه لا يحل لك أن تخبر به أحد من الناس ولو كان أقرب الناس إليك سواء أوصاك بأن لا تخبر به أحدا أو علم من قرائن الأحوال أنه لا يحب أن يطلع عليه أحد ولهذا قال العلماء إذا حدثك الرجل بحديث والتفت فهذه أمانة لماذا؟ لأن كونه يلتفت فإنه يخشى بذلك أن يسمع أحد إذا فهو لا يحب أن يطلع عليه أحد فإذا ائتمنك الإنسان على حديث فإنه لا يجوز لك أن تفشيه.

ومن ذلك أيضا ما يكون بين الرجل وبين زوجته من الأشياء الخاصة فإن شر الناس منزلة عند الله تعالى يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم يروح ينشر سرها ويتحدث بما جرى بينهما) (٥)

١١– الأمانة في الرسالات:

(وتكون الأمانة فيها بتبليغها إلى أهلها تامة غير منقوصة ولا مزاد عليها وعلى وفق رغبة محملها، سواء أكانت رسالة لفظية أو كتابية أو عملية.

١٢– الأمانة في السمع والبصر وسائر الحواس:

وتكون الأمانة فيها بكفها عن العدوان على أصحاب الحقوق، وبحفظها عن معصية الله فيها، وبتوجيهها للقيام بما يجب فيها من أعمال، فاستراق السمع خيانة، واستراق النظر إلى ما لا يحل النظر إليه خيانة، واستراق اللمس المحرم خيانة) (٦).


(١) رواه البخاري (٣٠٦٢)، ومسلم (١١١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) رواه النسائي في ((الكبرى)) (٨/ ١٤٧)، والبزار (١٣/ ١٨٩)، والطبراني في ((الأوسط)) (٢/ ٢٦٨) من حديث أنس رضي الله عنه. وصحح إسناده العراقي في ((تخريج الإحياء)) (١/ ٧٣)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (١٨٦٦).
(٣) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٢٨/ ٢٥٤).
(٤) ((الأخلاق الإسلامية)) لعبد الرحمن الميداني (١/ ٥٩٥).
(٥) ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (٢/ ٤٦٤).
(٦) ((الأخلاق الإسلامية)) لعبد الرحمن الميداني (١/ ٥٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>