للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عبد الله بن عمر يقول: ((دع ما لست منه في شيء، ولا تنطق في ما لا يعنيك، واحرز لسانك كما تخزن ورقك)) (١).

وقال رجل للأحنف بن قيس: بم سدت قومك - وأراد عيبه -؟ فقال الأحنف: بتركي من أمرك ما لا يعنيني، كما أعناك من أمري ما لا يعنيك (٢).

٦ - أن لا يعتاد لعن الدواب والأماكن:

قال صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا)) (٣).

وعن أبي برزة الأسلمي، قال: ((بينما جارية على ناقة، عليها بعض متاع القوم، إذ بصرت بالنبي صلى الله عليه وسلم، وتضايق بهم الجبل، فقالت: حل، اللهم العنها، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة)) (٤).

٧ - التخلق بخلق الحياء:

الحياء يمنع من كثير من الفحش والبذاء ويحمل على كثير من أعمال الخير فعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما كان الحياء في شيء قط إلا زانه ولا كان الفحش في شيء قط إلا شانه)) (٥).

قال ابن عبد البر: (إن الحياء يمنع من كثير من الفحش والفواحش ويشتمل على كثير من أعمال البر وبهذا صار جزءا وشعبة من الإيمان لأنه وإن كان غريزة مركبة في المرء فإن المستحي يندفع بالحياء عن كثير من المعاصي كما يندفع بالإيمان عنها إذا عصمه الله فكأنه شعبة منه لأنه يعمل عمله فلما صار الحياء والإيمان يعملان عملا واحدا جعلا كالشيء الواحد وإن كان الإيمان اكتسابا والحياء غريزة) (٦).

٨ - مصاحبة ومجالسة الأخيار:

فإن من جالس الأخيار أعانوه على طريق الخير، يقومون بتشجيعه إذا أحسن، وينصحوه إذا أخطأ، ويأخذ من هذه الصحبة مدرسة تعينه على التخلق بالخلق الحسن، قال صلى الله عليه وسلم: ((المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)) (٧).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي)) (٨).

قال الشاعر:

إذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم ... ولا تصحبِ الأردى فتردى مع الردي

وقال الحسن بن علي الخلال: (قال بعض الحكماء: مجالسة أهل الديانة تجلو عن القلوب صدأ الذنوب، ومجالسة ذوي المروءة تدل على مكارم الأخلاق، ومجالسة العلماء تنتج ذكاء القلوب، ومن عرف تقلب الزمان لم يركن إليه) (٩).


(١) رواه ابن المبارك في ((الزهد)) (١/ ٢٩).
(٢) ((المجالسة وجواهر العلم)) لأحمد بن مروان المالكي (٣/ ١٨٥).
(٣) رواه مسلم (٢٥٩٧).
(٤) رواه مسلم (٢٥٩٦).
(٥) رواه الترمذي (١٩٧٤)، وابن ماجه (٤١٨٥)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (٦٠١). قال الترمذي: حسن غريب. وصححه الألباني في صحيح ((الأدب المفرد)) (٤٧٠).
(٦) ((التمهيد)) لابن عبد البر (٩/ ٢٣٤).
(٧) رواه أبو داود (٤٨٣٣)، والترمذي (٢٣٧٨)، وأحمد (٢/ ٣٠٣) (٨٠١٥). قال الترمذي: حسن غريب. وقال الذهبي في ((السير)) (٨/ ١٨٩): غريب عال. وحسنه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (٤٥١٦).
(٨) رواه أبو داود (٤٨٣٢)، والترمذي (٢٣٩٥). وحسنه الترمذي، والبغوي في ((شرح السنة)) (١٣/ ٦٩)، وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (٩٨٠٨).
(٩) ((المجالسة وجواهر العلم)) لأحمد بن مروان المالكي (٥/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>