للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كذب يظهر الإنسان فيه أنه من أهل الخير والصلاح والتقى والإيمان وهو ليس كذلك، بل هو من أهل الكفر والطغيان والعياذ بالله، فهذا هو النفاق، النفاق الأكبر الذين قال الله فيهم: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ [البقرة: ٨] لكنهم يقولون بألسنتهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون، وشواهد ذلك في القرآن والسنة كثيرة، إنهم - أعني المنافقين أهل الكذب يكذبون على الناس في دعوى الإيمان وهم كاذبون، وانظر إلى قول الله تعالى في سورة (المنافقون) حيث صدر هذه السورة ببيان كذبهم حيث قال تعالى: إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ [المنافقون: ٢] أكدوا هذه الجملة بكم مؤكد؟ بثلاثة مؤكدات، (نشهد) (إن) (اللام) ثلاثة مؤكدات، يؤكدون أنهم يشهدون أن محمدًا رسول الله، فقال الله تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون: ١] في قولهم (نشهد إنك لرسول الله) هذا أيضًا من أنواع الكذب، وهو أشد أنواع الكذب على الناس؛ لأن فاعله والعياذ بالله منافق) (١).

٣ - الكذب في الحديث بين الناس:

(الكذب في الحديث الجاري بين الناس يقول: قلت لفلان كذا وهو لم يقله، قال فلان كذا وهو لم يقله، جاء فلان وهو لم يأت وهكذا، هذا أيضاً محرم ومن علامات النفاق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب ... )) (٢)) (٣).

٤ - كذب الحكام على الشعوب:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يدخلون الجنة: الشيخ الزاني، والإمام الكاذب، والعائل المزهو)) (٤).

٥ - الكذب لإضحاك الناس:

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ويل له ويل له)) (٥).

قال المناوي في شرحه للحديث: (كرره إيذانا بشدة هلكته؛ وذلك لأن الكذب وحده رأس كل مذموم، وجماع كل فضيحة، فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب ويجلب النسيان ويورث الرعونة كان أقبح القبائح، ومن ثم قال الحكماء: إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحة) (٦).

قال ابن عثيمين: (وهذا يفعله بعض الناس ويسمونها (النكت)، يتكلم بكلام كذب ولكن من أجل أن يضحك الناس، هذا غلط، تكلم بكلام مباح من أجل أن تدخل السرور على قلوبهم، وأما الكلام الكذب فهو حرام) (٧).

(والحكمة من هذا المنع أنه يجر إلى وضع أكاذيب ملفقة على أشخاص معينين يؤذيهم الحديث عنهم، كما أنه يعطي ملكة التدرب على اصطناع الكذب وإشاعته فيختلط في المجتمع الحق بالباطل والباطل بالحق) (٨).

٦ - المبالغة في الإطراء والمدح:


(١) ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (٦/ ١٥٧).
(٢) رواه البخاري (٣٣)، ومسلم (٥٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (٦/ ١٥٨).
(٤) رواه البزار (٦/ ٤٩٣) (٢٥٢٩) من حديث سلمان رضي الله عنه. وجوَّد إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٣/ ١٨٩)، وقال الهيثمي في ((المجمع)) (٦/ ٢٥٨): رجاله رجال الصحيح غير العباس بن أبي طالب، وهو ثقة. وصححه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (٢٣٩٨).
(٥) رواه أبو داود (٤٩٩٠)، والترمذي (٢٣١٥)، وأحمد (٥/ ٥) (٢٠٠٦٧) من حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه. وحسنه الترمذي، وقال ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (١/ ١٨): له طرق إلى بهز وهو ثابت إليه وبهز حديثه حسن. وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (٩٦٤٨).
(٦) ((فيض القدير)) للمناوي (٦/ ٣٦٨).
(٧) ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (٦/ ١١٧).
(٨) ((الأخلاق الإسلامية)) لعبدالرحمن الميداني (١/ ٤٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>