٣٤ - أن التشبيه هو حقيقة الشرك وموجبه وعلته الملازمة له، إذ لا ينفك الشرك وعبادة غيره سبحانه عن تشبيه واقع بين المخلوق والخالق، فمن صرف الدعاء لغيره -عز وجل- قد شبَّه ذلك الغير بالله تعالى بإعطائه أخص ما يستحقه سبحانه من التضرع والخضوع والذلة الملازمة للداعي.
٣٥ - أن حقيقة الشرك هو التسوية بين الله تعالى وبين من أُشْرِكَ معه فيما يختص به في الذات أو الصفات أو الأفعال أو الحقوق.
٣٦ - أن طلب الشفاعة من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا هو أو من غير إذنه شرك بالله تعالى؛ لأنَّها متضمنة لسؤال غير الله، والإقبال عليه، رغبة ورهبة، وفي هذا إعراض عن الله وقصده وإرادة وجهه، فلا يشرع دعاء الملائكة ولا من مات من الأنبياء والصالحين لما يترتب على ذلك من مفسدة الوقوع في الشرك بالله تعالى.
٣٧ - الضابط لما يكون شركًا حال الخوف من غيره -سبحانه وتعالى-، وهو اعتقاد القدرة التامة الغيبية، والمشيئة النافذة المستقلة في المخوف منه، بحيث يتصرف في الكون إما استقلالًا أو مع الله تعالى، فاجتمع هنا شركان؛ شرك في الربوبية باعتقاد القدرة في غيره سبحانه، وشرك في الإلهية بصرف عبادة الخوف القلبي لغيره -عز وجل-.
وهذا الضابط ينسحب على كثير من العبادات كالرجاء والمحبة والتوكل وغيرها من أنواع العبادة؛ فمن رجا مخلوقًا أو توكل عليه معتقدًا فيه القدرة على جلب النفع وتحقيق المرجو بقدرته ومشيئته كان واقعًا في الشركين معًا.
٣٨ - أن الاعتقاد في الأسباب، بكونها مؤثرة في المُسَبَّبات بذاتها بدون قدرة الله تعالى ومشيئته، أو مع المشاركة لله تعالى في القدرة والتأثير، شرك بالله تعالى يخرج صاحبه عن دائرة الإسلام، ويبطل الإيمان الذي في قلبه.