للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قام -صلى الله عليه وسلم- بهذه المهمة خير قيام، وأداها كما يحب ربه ويرضى؛ إذ هو -صلى الله عليه وسلم- أفضل من أطاع ربه واتبع أمره.

يقول الإمام ابن تيمية: "يجب أن يُعْلَم أن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بيَّن لأصحابه معاني القرآن كما بيَّن لهم ألفاظه، فقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} يتناول هذا وهذا" (١).

ويقول الشيخ السعدي في بيان هذه الآية: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ}؛ أي: القرآن الذي فيه ذكر ما يحتاج إليه العباد من أمور دينهم ودنياهم الظاهرة والباطنة، {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}، وهذا شامل لتبيين ألفاظه وتبيين معانيه" (٢).

ومن ذلك قوله تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٥٤)} [النور: ٥٤].

أي: التبليغ البيِّن الواضح الذي لا شكَّ فيه والظاهر الذي لا لبس فيه، والذي يصل إلى القلوب فلا تبقى بعده حجة، ولا يثبت لصاحبه عذر.

يقول الإمام الطبري: "ويعني بقوله: {الْمُبِينُ}: الذي يبين عن معناه لمن أبلغه ويفهمه من أرسل إليه" (٣).

وقال الإمام ابن كثير: "فنحن نشهد أن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم ونصحوا الأمم وأفصحوا لهم عن الحق المبين الواضح الجلي الذي لا لبس فيه ولا شكَّ ولا امتراء وإن كذبهم من كذبهم من الجهلة والمعاندين والمارقين والقاسطين فما جاءت به الرسل هو الحق ومن خالفهم فهو على الضلال" (٤).

ويقول الشيخ السعدي: "أي: تبليغكم البين الذي لا يُبْقي لأحد


(١) مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٣١).
(٢) تفسير السعدي (ص ٤٤١).
(٣) تفسير الطبري (١٤/ ١٠٣).
(٤) تفسير ابن كثير (٣/ ٤٧٠).