للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كذلك، ولا شكَّ أن الحفظ يقتضي حفظه في ألفاظه ومعانيه، كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩] {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩)} [القيامة: ١٦ - ١٩].

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩)} [القيامة: ١٩]: (أن نبينه على لسانك) (١).

ويقول الحافظ ابن كثير في معنى الآيات: "وكان هذا في الابتداء، كان عليه وسلم من شدة حرصه على أخذه من المَلَك ما يوحى إليه عن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ليساوقه في التلاوة، فأمره اللَّه تعالى أن ينصت لذلك حتَّى يفرغ من الوحي، وتكفل له أن يجمعه في صدره، وأن ييسر عليه تلاوته، وتبليغه، وأن يبينه له، ويفسره، ويوضحه، ويوقفه على المراد منه" (٢).

ويقول رحمه الله أيضًا: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩)} [القيامة: ١٩]؛ أي: بعد حفظه وتلاوته نبينه لك، ونوضحه، ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا" (٣).

ويقول الشيخ السعدي: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩) أي: بيان معانيه، فوعده بحفظ لفظه وحفظ معانيه" (٤).

رابعًا: ومما يدل على كمال بيان الدين، واستغنائه عن الآراء والعقول المنحرفة ما وصف اللَّه تعالى به آيات كتابه بأنها آيات بينات، أو مبينات، أو بينة، ووصف الوحي بأنه مبين، ووصفه -صلى الله عليه وسلم- بأنه رسول مبين وغير ذلك:

فمن ذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ


(١) انظر: صحيح البخاري (٤/ ١٨٧٦)، برقم (٤٦٤٤)، وصحيح مسلم (١/ ٣٣٠)، برقم (٤٤٨).
(٢) البداية والنهاية (٣/ ٢٣).
(٣) تفسير ابن كثير (٤/ ٤٥٠).
(٤) تفسير السعدي (ص ٨٩٩).