للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يؤخر بيانه عن وقت الحاجة إليه، إذ لا خلاف بين فرق الأمة أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز بحال" (١).

وقريبًا منه قول الإمام السمعاني (٢): "وكان مما أنزل إليه -صلى الله عليه وسلم- وأمر بتبليغه: أمر التوحيد وبيانه بطريقته، فلم يترك النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- شيئًا من أمور الدين، وقواعده، وأصوله، وشرائعه، وفصوله، إلا بيَّنه وبلغه على كماله وتمامه، ولم يؤخر بيانه عن وقت الحاجة إليه، إذ لو أخر فيها البيان لكان قد كلفهم ما لا سبيل لهم إليه" (٣).

ويقول الإمام ابن تيمية: "فصل: في أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بَيَّنَ جميع الدين؛ أصوله وفروعه، باطنه وظاهره، علمه وعمله، فإن هذا الأصل هو أصل أصول العلم والإيمان، وكل من كان أعظم اعتصامًا بهذا الأصل كان أولى بالحق علمًا وعملًا، ومن كان أبعد عن الحق علمًا وعملًا، [كان بُعده عن هذا الأصل بحسب حاله، ومن كان أبعد عن الحق علمًا وعملًا، كان بُعده عن هذا الأصل بحسب حاله، فمستقل ومستكثر من الباطل] (٤) (٥).

وقال رَحمه اللّه: "والرسول -صلوات اللَّه عليه وسلامه- قد أرسل


(١) ذكره الخطابي في: (الغنية)، ونقله عنه ابن تيمية في درء التعارض (٧/ ٢٩٦).
(٢) هو: منصور بن أحمد بن عبد الجبار التميمي، أبو المظفر المعروف بابن السمعاني الحنفي ثم الشافعي. من مصنفاته: القواطع في أصول الفقه، وله كتاب التفسير، توفي سننة ٤٨٨ هـ. [انظر ترجمته: طبقات الشافعية للسبكي (٤/ ٢١)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (١/ ٢٧٣)].
(٣) الانتصار لأصحاب الحديث، لابن السمعاني (ص ٧٠).
(٤) ما بين المعقوفتين لعله ساقط من نسخة (مجموع الفتاوى)، وقد نقل العبارة بكاملها العلامة ابن سعدي في كتابه "طريق الوصول إلى العلوم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول" (ص ٢٩).
(٥) مجموع الفتاوى (١٩/ ١٥٥ - ١٥٦)، وانظر: طريق الوصول للعلامة السعدي (ص ٢٩).