للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الشاطبي (١): "فكل هذا غير قادح في أصل المشروعية؛ لأن الأمر الكلي إذا ثبت فتخلف بعض الجزئيات عن مقتضى الكلي لا يخرجه عن كونه كليًا، وأيضًا؛ فإن الغالب الأكثري معتبر في الشريعة اعتبار العام القطعي، لأن المتخلفات الجزئية لا ينتظم منها كلي يعارض هذا الكلي الثابت" (٢).

ويقول الإمام ابن القيم (٣): "إذ شأن الشرائع الكلية أن تراعي الأمور العامة المنضبطة، ولا ينقضها تخلف الحكم في أفراد الصور" (٤).

أما بالنسبة لطبيعة القواعد المتعلقة بباب الاعتقاد والتوحيد؛ فإن أهل العلم لم يلتزموا بالضوابط الخاصة المعتبرة في تعريف القاعدة الأصولية أو القاعدة الفقهية؛ بحيث تكون لها جزئيات وفروع تندرج تحتها ويعرف حكمها من القاعدة، وإنما الأمر عندهم أوسع من ذلك؛ إذ كل مسألة (٥)، من المسائل العلمية تنبني عليها مسألة أو عدة مسائل فهي


(١) هو: إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي، الغرناطي، أبو إسحاق الشهير بالشاطبي فقيه، أصولي، مفسر، محدث، لغوي، (له استنباطات جليلة ودقائق منيفة وفوائد لطيفة، وأبحاث شريفة، وقواعد محررة). له مصنفات نافعة منها: الاعتصام، والموافقات في أصول الفقه، توفي سنة ٧٩٠ هـ. [انظر ترجمته في: نيل الابتهاج بتطريز الديباج (ص ٤٦)، وشجرة النور الزكية (ص ٢٣١)، والأعلام للزركلي (١/ ٧٥)].
(٢) الموافقات (٢/ ٥٣).
(٣) هو: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن جرير الزرعي ثم الدمشقي، الفقيه، الأصولي المفسر النحوي، شمس الدين، أبو عبد الله، ابن قيم الجوزية، أخذ العلم عن كثيرين من أشهرهم شيخ الإسلام ابن تيمية ولازمه مدة طويلة، له تصانيف كثيرة منها: إعلام الموقعين، وزاد المعاد، وبدائع الفوائد، توفي سنة ٧٥١ هـ.
انظر ترجمته في: ذي طبقات الحنابلة لابن رجب: (٢/ ٤٤٧)، والدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (٥/ ١٣٧)، والرد الوافر (ص ٦٨).
(٤) إعلام الموقعين (٢/ ١٠١).
(٥) المسألة: هي القضية التي يبرهن عنها في العلم، يعبر عنها بهذه العبارة، فيقال: مسألة كذا، مسألة كذا. انظر: المعجم الوسيط (١/ ٤١١)، والدرر السنية (١/ ٣٦٥).