للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و (قد) من لوازم الأفعال، وإطلاق الملازمة والتلازم أيضًا على معنى اللزوم كثير، وقد يراد بلازم الشيء ما يتبعه ويرادفه، وبلزومه إياه أن يكون له تعلق ما، والملزوم أصل ومتبوع من حيث إن منه الانتقال، واللازم فرع وتبع، من جهة أن إليه الانتقال (١).

فالتلازم إذن لغة: امتناع انفكاك الشيء عن الشيء، ويأتي اللزوم والتلازم بمعنى الملازمة (٢).

أما معنى التلازم واللزوم في اصطلاح العلماء؛ فإنه أحد الدلالات اللفظية التي تدل على المعنى، فإنَّه ليس خافيًا أن دلالة الألفاظ على المعنى تنحصر في ثلاث دلالات؛ المطابقة، والتضمن، واللزوم؛ فالمطابقة: كدلالة لفظ البيت على معنى البيت، والتضمن: كدلالته على السقف، ودلالة لفظ الإنسان على الجسم، واللزوم: كدلالة لفظ السقف على الحائط إذ ليس هو جزءًا من السقف، ولكنه لا ينفك عنه، فهو كالرفيق الملازم (٣).

يقول الجرجاني: "واصطلاحًا كون الحكم مقتضيًا للآخر، على معنى أن الحكم بحيث لو وقع يقتضي وقوع حكم آخر اقتضاء ضروريًا؛ كالدخان للنار في النهار، والنار للدخان في الليل" (٤).

والتلازم إما أن يكون تلازمًا من الطرفين، أو يكون تلازمًا من طرف واحد، فالأول يسمى تلازم تساو، والثاني تلازمًا مطلقًا، وقد بيَّن الإمام الشوكاني هذين النوعين بقوله: "التلازم: وهو أربعة أقسام؛ لأن التلازم إنما يكون بين حكمين، وكل واحد منهما إما مثبت أو منفي،


(١) انظر: الكليات للكفوي (ص ١٢٢)، و (ص ٧٩٥ - ٧٩٦)، والتوضيح في حل غوامض التنقيح (١/ ١٤١).
(٢) انظر: التعريفات للجرجاني (ص ٢٩٣).
(٣) انظر: روضة الناظر لابن قدامة (ص ١٤).
(٤) تعريفات الجرجاني (ص ٢٩٣ - ٢٩٤).