للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتاب والسُّنَّة يصلح بعضها لأن يكون قاعدة في نفسه، فيأتي العالم ويبرز هذه المعاني التي جاء التنصيص عليها في الكتاب أو السُّنَّة؛ كمن يقعد فيقول: الشرك لا يغفره اللَّه تعالى أبدًا، مستخلصًا لها من قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] وكمن يقعد قاعدة: صلاح الأعمال بصلاح النيات، من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات" (١)، وهكذا في سائر ما وضعه أهل العلم من قواعد في سائر العلوم.

يقول الإمام ابن تيمية مبينًا أهمية الاعتماد على النصوص في وضع القواعد: "وقد كتبت قبل هذا في القواعد ما في طريقي أهل الكلام والنظر، وأهل الإرادة والعمل من الانحراف إذا لم يقترن بمتابعة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، كما بينت في قاعدة كبيرة أن أصل العلم والهدى والدين هو الإيمان باللّه ورسوله، واستصحاب ذلك في جميع الأقوال والأحوال" (٢).

ويقول الشيخ السعدي: "ولهذا كان الكتاب والسُّنَّة كافيين كل الكفاية في أحكام الدين، وأصوله وفروعه، فكل متكلف يزعم أنه لا بد للناس في معرفة عقائدهم، وأحكامهم، إلى علوم غير علم الكتاب والسُّنَّة، من علم الكلام وغيره، فهو جاهل مبطل في دعواه، قد زعم أن الدين لا يكمل إلا بما قاله ودعا إليه، وهذا من أعظم الظلم والتجهيل للّه ولرسوله" (٣).

وبيَّن -رَحِمَه اللّه- الواجب تجاه النصوص النبوية، بقوله: "ولذلك أمر اللَّه بالقاعدة الكلية، والأصل العام فقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧] وهذا شامل لأصول الدين وفروعه،


(١) سيأتي تخريج الحديث في قاعدة النيات، من هذه الرسالة.
(٢) مجموع الفتاوى (١٠/ ٣٦٠).
(٣) تفسير السعدي (ص ٢٢٠).