للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الرازي في معنى الآية: "ثم إنه أمر القوم بثلاثة أشياء: بعبادة اللّه، وتقواه، وطاعة نفسه، فالأمر بالعبادة يتناول جميع الواجبات والمندوبات من أفعال القلوب، وأفعال الجوارح، والأمر بتقواه يتناول الزجر عن جميع المحظورات والمكروهات، وقوله: {وَأَطِيعُونِ (٣)} يتناول أمرهم بطاعته، وجميع المأمورات والمنهيات، وهذا وإن كان داخلًا في الأمر بعبادة اللّه وتقواه، إلا أنه خصه بالذكر تأكيدًا في ذلك التكليف ومبالغة في تقريره" (١).

ولذا جاء عن قتادة (٢) في قوله تعالى: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣)}: "قال: بها أرسل الله المرسلين؛ أن يعبد الله وحده، وأن تتقى محارمه، وأن يطاع أمره" (٣).

ويقول الإمام ابن تيمية: "وقد قالت الرسل كلهم مثل نوح، وهود، وصالح، وغيرهم: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣)}، فكل الرسل دعوا إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له، وإلى طاعتهم، والإيمان بالرسل هو الأصل الثاني من أصلي الإسلام، فمن لم يؤمن بأن محمدًا رسول الله إلى جميع العالمين، وأنه يجب على جميع الخلق متابعته، وأن الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله، والدين ما شرعه فهو كافر مثل هؤلاء المناففين، ونحوهم ممن يجوز الخروج عن دينه، وشرعته، وطاعته؛ إما عمومًا وإما خصوصًا" (٤).


(١) التفسير الكبير (٣٠/ ١١٩).
(٢) هو: قتادة بن دعامة السدوسي أبو الخطاب الضرير، ولد سنة ٦٠ هـ. كان من أوعية العلم بالتفسير والحديث. وممن يضرب به المثل في قوة الحفظ. كان له باع واسع في العربية والغريب، وأيام العرب وأنسابها توفي سنة ١١٨ هـ، وقيل غير ذلك.
[ترجمته في: سير أعلام النبلاء (٥/ ٢٦٩)، وتقريب التهذيب (٢/ ١٢٣)].
(٣) انظر: تفسير الطبري (٢٩/ ٩٠)، والدر المنثور (٨/ ٢٨٩).
(٤) مجموع الفتاوى (١١/ ٥٢)، وانظر: (٢٢/ ٣٢١)، وتفسير السعدي (ص ٨٨٩).