للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النص الشرعي: "تُعَدُّ النصوص الشرعية أقوى مصادر القواعد الفقهية، وأرسخها، كما تُعَدُّ القواعد المستندة إليها أقوى أنواع القواعد، وأرجحها في الاستدلال" (١). ثم ذكر أن بناء القواعد على النصوص إما أن تكون مباشرة فتكون القاعدة بصيغة النص، أو تستخرج القاعدة من النص عن طريق الاجتهاد والنظر.

ب - ومن أبرز ما تَمَيَّزَ به منهج العلماء في صياغة القواعد وتقريرها هو التزامهم بفهم السلف الصالح من الصحابة وأهل القرون المفضلة فيما يؤصلونه ويقعدونه؛ وذلك لما لهم من الخصائص التي انفردوا بها عن غيرهم من مشاهدة التنزيل ومعايشة الوحي، والتلقي عن النبع الصافي الذي لا كدر فيه ولا نقص، ولما لهم من الفهم الثاقب، والذهن المتوقد، والنظرة العميقة الفاحصة، والقلب الصافي المتهيئ لمباشرة النصوص وفهمها الفهم الصحيح، مع إخلاصهم للّه تعالى، وتجردهم للحق، إضافة إلى ما اختصوا به من علوم الآلة التي كانت سجيتهم بدون تعب ولا تكلف.

يقول الإمام ابن تيمية: "وكل من أمعن نظره، وفهم حقيقة الأمر علم أن السلف كانوا أعمق من هؤلاء علمًا، وأبر قلوبًا، وأقل تكلفًا، وأنهم فهموا من حقائق الأمور ما لم يفهمه هؤلاء الذين خالفوهم، وقبلوا الحق، وردوا الباطل" (٢).

ويقول الإمام ابن القيم في تعظيم شأن الصحابة: "أما المدارك التي شاركناهم فيها من دلالات الألفاظ والأقيسة فلا ريب أنهم كانوا أبو قلوبًا، وأعمق علمًا، وأقل تكلفًا، وأقرب إلى أن يوفقوا فيها لما لم نوفق له نحن؛ لما خصهم اللَّه تعالى به من توقد الأذهان، وفصاحة اللسان، وسعة العلم، وسهولة الأخذ، وحسن الإدراك وسرعته، وقلة المعارض أو


(١) القواعد الفقهية، للباحسين (ص ١٩٥).
(٢) درء التعارض (٣/ ٤٥٤).