للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء في "شرح مختصر خليل": "والتحقيق: مصدر حقق الشيء إذا تيقنه وعرفه حق معرفته فصار محققًا له، فيكون فَعَّل للاتصاف بمعناه نحو عدلته؛ أي: صيرته عدلًا" (١).

وجميع هذه المعاني يتناولها لفظ التحقيق، إذ لا بد فيه من تثبيت الأصل والفرع، وحصول التمام والكمال، ولا يتم ذلك إلا بالعلم والمعرفة الحقة، واليقين، والإحكام، والمبالغة في الإتقان، وتخليصه من جميع الشوائب والمنقصات التي تعارض أصله، أو تنقص تمامه أو كماله، إذ لا يحصل الكمال في الشيء إلا بعد تثبيت أصله وتتميم أساسه.

يقول الرازي: "أن الكمال في كل شيء إنما يحصل إذا حصل الأصل والفرع معًا، فقوم أطنبوا في الأعمال من غير إحكام الأصول" (٢).

فتحقيق التوحيد يتناول تثبيت الأصل، وتتميم الناقص من الأصل، وتكميل التام، إذ لا تتميم بدون أصل، ولا تكميل بدون تتميم، فلا بد للتتميم من أصل يقوم عليه، ولا بد للتكميل من تتميم ينبني عليه.

يقول تقي الدين الحموي: "والفرق بين التكميل والتتميم أن التتميم يرد على الناقص فيتمه، والتكميل يرد على المعنى التام فيكمله إذ الكمال أمر زائد على التتميم" (٣).

وقال أبو البقاء: "والتكميل يرد على المعنى التام فيكمله، إذ الكمال أمر زائد على التمام، والتمام يقابل نقصان الأصل، والكمال يطابق نقصان الوصف بعد تمام الأصل، ولهذا كان قوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: ١٩٦] أحسن من تامة؛ لأن التمام من العدد قد علم


(١) شرح مختصر خليل للخرشي (١/ ٣٣).
(٢) تفسير الرازي (٣٢/ ٤٥).
(٣) خزانة الأدب وغاية الأرب (١/ ٢٧٣ - ٣٧٥).