للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول الشيخ محمد بن عثيمين: "لأن تحقيق التوحيد يستلزم اجتناب المعاصي؛ لأن المعاصي صادرة عن الهوى، وهذا نوع من الشرك، قالى تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: ٢٣] " (١).

الثالث: تحقيق كمال التوحيد؛ أي: الكمال المستحب، وهو تخليصه وتصفيته من الأمور المكروهة، والاجتهاد في تحصيل الطاعات والقربات، وتخليص القلب من الالتفات والتوجه إلى غير الله بأن يكون متوجهًا بكليته إلى الله، فتنجذب روحه إلى الله؛ محبة وخوفًا وإنابة وتوكلًا ودعاء وإخلاصًا وإجلالًا وهيبة وتعظيمًا وعبادة، فلا يكون في قلبه أدنى شيء لغير الله، ولا أدنى إرادة لما حرم الله، ولا أدنى كراهة لما أمر الله، وعبَّر بعضهم بأنه ترك ما لا بأس به حذرًا مما به بأس (٢).

وقد بين العلامة عبد العزيز بن باز الأعمال التي تضاد تحقيق التوحيد؛ سواء ما ينافي أصله، أو ينافي كماله بنوعيه، فقال - رحمه الله -: "وأما الفرق بين الأعمال التي تنافي هذه الكلمة وهي لا إله إلا الله، والتي تنافي كمالها الواجب، فهو: أن كل عمل أو قول أو اعتقاد يوقع صاحبه في الشرك الأكبر فهو ينافيها بالكلية ويضادها؛ كدعاء الأموات، والملائكة، والأصنام، والأشجار، والأحجار، والنجوم، ونحو ذلك، والذبح لهم، والنذر، والسجود لهم، وغير ذلك.

فهذا كله ينافي التوحيد بالكلية، ويُضاد هذه الكلمة ويبطلها؛ وهي: لا إله إلا الله، ومن ذلك استحلال ما حرم الله من المحرمات المعلومة من الدين بالضرورة والإجماع" كالزنا، وشرب المسكر، وعقوق الوالدين، والربا، ونحو ذلك، ومن ذلك أيضًا جحد ما


(١) القول المفيد على كتاب التوحيد (ص ٤٨).
(٢) انظر: تيسير العزيز الحميد (ص ٧٧)، وإبطال التنديد (ص ٢٨)، والتمهيد لشرح كتاب التوحيد (ص ٣٣)، وحاشية كتاب التوحيد (ص ٣٧).