للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ" (١).

هذا الحديث أصل من أصول الإسلام كما نص على ذلك بعض أهل العلم، وهو دال على أن الإحداث في العبادات بما يخالف الشرع يقضي ببطلانها وردها؛ لأنها والحالة هذه تكون العبادة قد خرجت عن أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وفعله وتقريره، وخالفت ما أجمع عليه صحابته الكرام -رضوان الله عليهم- فكان عاقبتها الرد وعدم القبول، وهذا يدل دلالة صريحة على أن العبادة مبنية على التوقيف من صاحب الشريعة -صلى الله عليه وسلم-.

يقول الإمام ابن رجب -رحمه الله-: "فقوله -صلى الله عليه وسلم- "كلُّ بدعة ضلالة" (٢)، من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيءٌ، وهو أصلٌ عظيمٌ من أصول الدِّين، وهو شبيهٌ بقوله: "مَنْ أَحْدَثَ في أَمْرِنا ما لَيْسَ مِنْهُ فهو رَدٌّ"، فكلُّ من أحدث شيئًا، ونسبه إلى الدِّين، ولم يكن له أصل من الدِّين يرجع إليه، فهو ضلالةٌ، والدِّينُ بريءٌ منه، وسواءٌ في ذلك مسائلُ الاعتقادات، أو الأعمال، أو الأقوال الظاهرة والباطنة" (٣).

فالأصل في العبادة أنها مبنية على الأمر والطلب، فإذا لم تطلب


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود (٢/ ٩٥٩)، برقم (٢٥٥٠)، ومسلم في صحيحه، كتاب الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، (٣/ ١٣٤٣)، برقم (١٧١٨).
(٢) قطعة من حديث: أخرجه الإمام أحمد في المسند (٤/ ١٢٦)، برقم (١٧١٨٤)، وابن ماجة: المقدمة، باب: اتباع سُنّة الخلفاء الراشدين (١/ ١٥)، برقم (٤٢)، والدارمي في سننه (١/ ٥٧)، برقم (٩٥)، والحاكم في المستدرك (١/ ١٧٤)، برقم (٣٢٩)، وقال: "هذا حديث صحيح ليس له علة، وقد احتج البخاري بعبد الرحمن بن عمرو، وثور بن يزيد، وروي هذا الحديث في أول كتاب الاعتصام بالسُّنَّة، والذي عندي أنهما رحمهما الله توهما أنه ليس له راو عن خالد بن معدان غير ثور بن يزيد، وقد رواه محمد بن إبراهيم بن الحارث المخرج حديثه في الصحيحين عن خالد بن معدان". وصححه الألباني في إرواء الغليل (٨/ ١٠٧).
(٣) جامع العلوم والحكم (ص ٢٦٦).