للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يقتضي كون كل نداء ممنوعًا، حتى يلزم منه عدم جواز نداء الأحياء فيما يقدرون عليه" (١).

ويقول الشيخ حافظ الحكمي مقررًا لمعنى القاعدة: "وسؤاله إياه (٢) تلك الحاجة؛ من جلب خير، أو دفع ضر، أو رد غائب، أو شفاء مريض، أو نحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله، معتقدًا أنه قادر على ذلك، هذا شرك في الربوبية؛ حيث اعتقد أنه متصرف مع الله تعالى في ملكوته" (٣).

ويقول الشيخ السعدي: "فالاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك" (٤).

ويربط الإمام ابن باز بين السؤال من غير الله ما لا يقدر عليه إلا هو، وبين اعتقاد علم الغيب وغيره من صفات الربوبية فيقول: "أما أن تطلب من الميت، أو الغائب، أو الجماد كالأصنام شفاء مريض، أو النصر على الأعداء، أو نحو ذلك، فهذا من الشرك الأكبر، وهكذا طلبك من الحي الحاضر ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى يعتبر شركًا به سبحانه وتعالى؛ لأن دعاء الغائب بدون الآلات الحسية معناه اعتقاد أنه يعلم الغيب، أو أنه يسمع دعاءك وإن بعد، وهذا اعتقاد باطل يوجب كفر من اعتقده، يقول الله جل وعلا: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: ٦٥]، أو تعتقد أن له سرًا يتصرف به في الكون، فيعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، كما يعتقده بعض الجهلة في بعض من يسمونهم بالأولياء، وهذا شرك في الربوبية أعظم من شرك عباد الأوثان" (٥).


(١) صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان (ص ٣٦٧).
(٢) المقصود سؤال غير الله فيما لا يقدر عليه إلا هو سبحانه.
(٣) معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي (٢/ ٤٧٥)، وانظر: (٢/ ٥٢٣).
(٤) القول السديد في مقاصد التوحيد (ص ٤٧)، وانظر: القواعد الحسان في تفسير القرآن، قاعدة رقم (٥١).
(٥) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (١٣/ ٣٣٠)، وانظر: (٥/ ٣٣٢).