للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإمام النووي: "قال العلماء مقصود الأحاديث شيئان، أحدهما: نهى المملوك أن يقول لسيده ربي؛ لأن الربوبية إنما حقيقتها لله تعالى؛ لأن الرب هو المالك أو القائم بالشيء، ولا يوجد حقيقة هذا إلا في الله تعالى ...

الثاني: يكره للسيد أن يقول لمملوكه عبدي وأَمَتي، بل يقول غلامي وجاريتي، وفتاي وفتاتي؛ لأن حقيقة العبودية إنما يستحقها الله تعالى؛ ولأن فيها تعظيمًا بما لا يليق بالمخلوق استعماله لنفسه" (١).

وقال الحافظ ابن حجر: "فأرشد -صلى الله عليه وسلم- إلى العلة في ذلك؛ لأن حقيقة العبودية إنما يستحقها الله تعالى؛ ولأن فيها تعظيمًا لا يليق بالمخلوق استعماله لنفسه" (٢).

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ في بيان علة النهي: "لما في ذلك من الإيهام من المشاركة في الربوبية، فنهى عن ذلك أدبًا مع جناب الربوبية، وحماية لجناب التوحيد" (٣).

وقال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في توجيه النهي: "لأن الإنسان مربوب متعبد بإخلاص التوحيد لله، منهي عن المضاهاة بهذا الاسم، لما فيه من التشريك في اللفظ، وإن كان يطلق لغة، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عنه تحقيقًا للتوحيد، وسدًّا لذرائع الشرك، والله تعالى رب العباد جميعهم، فإذا أطلق على غيره شاركه في الاسم، فنهى عن ذلك لذلك، وإن لم يقصد بذلك التشريك في الربوبية التي هي وصف الله تعالى، وإنما


= عبدي أو أمتي (٢/ ٩٠١)، برقم (٢٤١٤)، ومسلم صحيحه، كتاب: الألفاظ من الأدب وغيرها، باب حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد (٤/ ١٧٦٤)، برقم (٢٢٤٩)، والنسائي في السُّنن الكبرى (٦/ ٦٩)، برقم (١٠٠٧٠)، وأبو داود في سننه (٤/ ٢٩٤)، برقم (٤٩٧٥)، وأحمد في المسند (٢/ ٣١٦)، برقم (٨١٨٢).
(١) شرح النووي على صحيح مسلم (١٥/ ٦ - ٧). وانظر: الأذكار للنووي (ص ٢٨٩).
(٢) فتح الباري (٥/ ١٨٠).
(٣) تيسير العزيز الحميد (ص ٥٥٥).