= أن يدخل عليها من الرجال، وأبى سائر أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس، وقلن: لا والله ما نرى الذي أمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سهلة بنت سهيل إلا رخصة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رضاعة سالم وحده، لا والله لا يدخل علينا بهذه الرضاعة أحد. فعلى هذا كان أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في رضاعة الكبير. ا. هـ. من الموطإ.
فإذا علمت مصدر الخلاف فاعلم أن مالك بن أنس ومن تابعه وجماعة من أهل العلم، انتزعوا من قوله تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}. الآية، أن الرضاعة المحرمة الجارية مجرى النسب إنما هي ما كان من الحولين، لأنه بانقضاء الحولين تمت الرضاعة، ولا رضاعة بعد الحولين معتبرة. وبهذا قال عمر، وابن عباس، وروي عن ابن مسعود، وبه قال الزهري، وقتادة، والشعبي، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، واسحاق، وأبو يوسف، ومحمد، وأبو ثور، وروى ابن عبد الحكم عن مالك: الحولين وزيادة أيام يسيرة. قلت: هي بقدر ما يستأنس الرضيع فيه عن الرضاعة من غير تحديد، وهذا التحقيق إن شاء الله.
قال القرطبي: وهذا الخبر، يعني قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْكينِ" مع الآية، ينفي رضاع الكبير، وأنه لا حرمة له، وقد روي عن عائشة القول به، وبه يقول الليث بن سعد من بين العلماء، وروي عن أبي موسى الأشعري أنه كان يرى رضاع الكبير، وروي عنه انه رجع عنه فيما رواه أبو حصين عن أبي عطية قال: قدم رجل بامرأته المدينة فوضعت وتورم ثديها، فجعل يمصه ويمجه، فدخل في بطنه جرعة منه فسأل أبو موسى فقال: بانت منك. وأتت ابن مسعود فأخبره، ففعل، فأقبل بالأعرابي إلى أبي موسى، الأشعري وقال: أرضيعًا هذا الأشمط؟! إنما يحرم من الرضاع ما ينبت اللحم والعظم. فقال الأشعري: لا تسألوني عن شيء وهذا الحبر بين أظهركم، فقوله: لا تسألوني. يدل على أنه رجع عن ذلك، ا. هـ. من تفسير القرطبي بتصرف، في البقرة والنساء.