للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تنبيه: يستحب بر المرضعة، فقد روي عن أبي الطفيل قال: كنت جالسًا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ أقبلت امرأة فبسط النبي رداءه حتى قعدت، فقيل: هذه كانت أرضعت النبي -صلى الله عليه وسلم-. كذا في شرح السنة، وهو في أبي داود.

تنبيه: اختلف العلماء؛ هل ينشر رضاع الكبير الحرمة؟ ذلك أن الله تعالى يقول: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} (١). الآية. وإنه ثبت في حديث متفق عليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّمَا الرَّضَاعَة مِنَ الْمَجَاعَةِ". أي الرضاعة التىِ تثبت بها الحرمة ما يكون في الصغر حين يكون الرضيع طفلًا يسد اللبن جوعه، فأما ما يكون بعد بلوغ الصبي حدًا لا يسد اللبن جوعه ولا يشبعه إلا الحب وما في معناه من الثُّفلِ، فلا تثبت به الحرمة، كذا قال البغوي. وفهب حديث آخر أخرجه الترمذي، وروي عن أم سلمة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَا يُحَرِّمُ من الرَّضَاع الَّا مَا فَتقَ الأمْعَاءَ".

وقد ثبت أيضًا عن يحيى عن مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن رضاعة الكبير فقال: أخبرني عروة بن الزبير أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وكان شهد بدرًا، كان تبنَّى سالمًا، الذي يقال له: سالم مولى أبي حذيفة، كما تبنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد بن حارثة، وأنكح أبو حذيفة سالمًا، وهو يرى أنه ابنه، أنكحه بنت أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة ابن ربيعة، وهي يومئذ من المهاجرات الأول، وهي من أفضل أيامى قريش، فلما أنزل الله في كتابه في زيد ما أنزل فقال: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} الآية. رد كل واحد من أولئك إلى أبيه، فإن لم يعلم أبوه رد إلى مولاه، فجاءت سهلة بنت سهيل، وهي امرأة أبي حذيفة، وهي من بني عامر بن لؤي، إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، كنا نرى سالمًا ولدًا، وكان يدخل عليَّ وأنا فُضُلٌ، وليس لنا إلا بيت واحد، فماذا ترى في شأنه؟. فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَيَحْرُمُ بِلَبَنِهَا". وكانت تراه ابنًا من الرضاعة، فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرِّجَال؛ فكانت تأمر أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت =


(١) سورة البقرة: ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>