= وعن علي -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله، هل لك في بنت عمك -بنت حمزة- فإنها أجمل فتاة في قريش؟. فقال:"أمَا عَلِمْتَ أَن حَمْزَةَ أخي مِنَ الرِّضَاعَةِ، وإنَّ اللَّهَ حَرم مِنَ الرِّضَاعَة مَا حَرُمَ مِنَ النسَب"؛ متفق عليه. فهذه الأحاديث تدل على ان حرمة الرضاع كحرمة النسب في المناكح؛ فإذا أرضَعت المرأة رضيعًا، يحرم على الرضيع وعلى أولاده من أقارب المرضعة كل من يحرم على ولدها من النسب، ولا تحرم المرضعة على أب الرضيع ولا على أخيه، ولا تحرم عليك أم أختك من الرضاعة إذا لم تكن أمًا لك ولا زوجة لأبيك. وهذا أمر يتصور في الرضاع ولا يمكن تصوره في النسب؛ فإنه لا توجد لك أم أخت في النسب إلا وهي أم لك أو زوجة لأبيك. ا. هـ.
تنبيه: في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّهُ عَمكِ فَلْيَلجْ عَلَيْكِ". دليل على أن لبن الفحل محرم تثبت فيه الحرمة من جهة صاحب اللبن كما تثبت من جهة المرضعة؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أثبت عمومة الرَّضاع وألحقها بالنسب، وهذا قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن بعدهم، وخالف في ذلك سعيد بن المسيب، وابراهيم النخعي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، قالوا: ويروى ذلك عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد كانت عائشة تأذن لمن أرضعته أخواتها وبنات أخيها، ولا تأذن لمن أرضعته نساء إخوتها وبني أختها. وليت شعري ماذا بقي لعائشة من حجة بعد ما استشكلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إنما أرضعتني المرأة يا رسول الله ولم يرضعني الرجل؟. فقال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلجْ عَلَيْكِ". فإنه نص في الموضوع لا يجوز لكائن من يكون خلافه إذا ما بلغه، فإن الأصل في هذا الحكم حديث الزهري وهشام بن عروة عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها -وهو عمها من الرضاعة- بعد أن أنزل الحجاب، قالت: فأبيت أن آذن له، فلما جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبرته فقال:"لِيَلجْ عَلَيْكِ فَإِنَّه عَمُّكِ تَرِبَت يَمِينُكِ". قال القرطبي: وكان أبو القعيس زوج المرأة التي أرضعت عائشة -رضي الله عنها-، ا. هـ. غير أنه لا ينقضي عجبي من أبي عبد الله كيف يحمل عنده أن يكون أفلح رضيع لبان مع أبي بكر، وأن ذلك المسوغ لاستئذانه على عائشة، بعد استشكال عائشة بقولها: إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل؟ فهذا اللفظ لا يدع مجالًا في الشك في كونه عمها من حيث أنها رضعت لبان أخيه أبي القعيس، والكمال لله تعالى.