= أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن؛ عشر رضعات معلومات يحرمن، فنسخن بخمس معلومات، فتوفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي فيما يقرأ من القرآن. ا. هـ. منه. وهو في صحيح مسلم، باب التحريم بخمس رضعات، وقالوا في قول عائشة -رضي الله عنها-: فتوفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي فيما يقرأ من القرآن. أرادت به قرب عهد النسخ من وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى كان بعض من لم يبلغه النسخ يقرؤه على الرسم الأول؛ لأن النسخ لا يتصور بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قال البغوي: اختلف أهل العلم فيما تثبت به الحرمة من الرضاع؛ فذهب جماعة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيرهم إلى أنه لا تثبت الحرمة بأقل من خمس رضعات متفرقات، وبه كانت تفتي عائشة وبعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو قول عبد الله بن الزبير، وإليه ذهب الشافعي، وإسحاق. وقال أحمد: إن ذهب ذاهب إلى قول عائشة في خمس رضعات فهو مذهب قوي.
وذهب أكثر أهل العلم إلى أن قليل الرضاع وكثيره محرم. منهم ابن عباس وابن عمر وسعيد ابن المسيب، وعروة، والزهري، والثوري، ومالك، والأوزاعي، وأصحاب الرأي، وغيرهم، وقال قوم لا يحرم أقل من ثلاث رضعات لحديث:"لَا تُحَرِّمُ المَصَّةُ والْمَصَّتَانِ". انتهى منه بتصرف.
(٣) وقوله: ما حرم النسب، متعلق بقوله قبل: محرِّم. أي محرم ما حرمه النسب. ففي الحديث عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان عندها، وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة، فقالت عائشهَ: يا رسول الله، هذا رجل يستأذن في بيتك. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أرَاهُ فَلَانًا". لعم حفصة من الرضاعة، فقلت: يا رسول الله، لو كان فلان حيًا -لعمها من الرضاعة- أدخلى عليَّ؟. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نعم، إنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّم مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ". متفق عليه.
وعن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ". وعن عائشة أيضًا قالت: جاء عمي من الرضاعة فاستأذن عليَّ، فأبيت أن آذن له حتى أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت: فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألته، فقال:"إنَّهُ عَمُّكِ فَائذَنِي لَه". قالت: فقلت يا رسول الله، إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلجْ عَلَيْكِ". قالت: وذلك بعد ما ضرب علينا الحجاب، ا. هـ. متفق عليه.=