للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأبى مالك التخيير محتجًا بأن الغلام لا قول له ولا يعرف حظه، وربما اختار من يلعب عنده ويترك تأديبه ويمكنه من شهواته فيؤدي إلى فساده.

قلت: هذا تعليل واقع، ولكن لا ينهض أمام ما ورد من السنة؛ أنه -صلى الله عليه وسلم- خير ولدًا بين أمه وأبيه، اللهم إذا كان الإمام اطلع على علة طرح بها هذا الحديث الذي عمل به غيره، أو كان لم يبلغه أصلًا. والله تعالى أعلم.

تنبيهٌ: حد البلوغ: اختلف العلماء فيه، قال أصحابنا: اذا أنبت الغلام أو احتلم، أو بلغ سنًا لا يجاوزها غلام إلا احتلم، ولم يقيد ذلك بخمسة عشر عامًا.

وجعل الشافعي الإنبات بلوغًا في أولاد الكفار دون المسلمين، حتى يجوز قتل من أنبت من السبي. روي عن عطية القرظي قال: كنت من سبي قريظة، فكانوا ينظرون، فمن أنبت الشعر قتل ومن لم ينبت الشعر لم يقتل، فكنت ممن لم ينبت، أخرجه أحمد، والدارمي، والنسائي، وأبو داود، والترمذي وقال: حسن صحيح. وابن ماجه.

وقال أبو حنيفة: حد بلوغ الغلام ثمان عشرة سنة إلا أن يحتلم قبلها، وحد بلوغ الجارية سبع عشرة سنة إلا أن تحيض قبلها.

والعمل عند أكثر أهل العلم أن الغلام أو الجارية إذا استكمل أحدهما خمس عشرة سنة كان بالغًا، واستدلوا بالحديث المتفق عليه عن ابن عمر، قال: عُرضت على رسول الله عام أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فردني، ثم عرضت عليه عام الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني. قال نافع: فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزبز فقال: هذا فرق بين المقاتلة والذرية، وكتب أن يفرض لابن خمس عشرة في المقاتلة، ومن لم يبلغها في الذرية. وبهذا أخذ الشافعي، وسفيان الثوري، وابن المبارك، والأوزاعي، وأحمد وإسحاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>