للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُعِدْ كَوَاجِدِهِ بِقُرْبِهِ أَوْرَحْلِه، لَا إِنْ ذهب رَحْلُهُ، وَخَائفِ لِصٍّ أَوْ سَبُع، ومَرِيضٍ عَدِمَ مُنَاوِلًا، وَرَاجٍ قَدَّمَ وَمُتَردَّدٍ فِي لُحُوقِهِ، ونَاسٍ ذَكَرَ بَعْدَهَا كمُقْتَصِرٍ عَلَى كوْعَيْهِ لا على ضربة، وكمُتَيَمَّمٍ عَلَى مُصَابِ بَوْلٍ وَأُوَّلَ بالمَشْكُوكِ وَبِالمُحَقَّقِ واقْتَصَر على الوقْتِ لِلْقَائلِ بِطَهارَةِ الأَرْضِ بالجَفافِ (١). وَمُنِعَ مَعَ عَدَمِ مَاءٍ تَقَبِيلُ مُتَوَضٍّ وَجِمَاعُ فغْتَسِلٍ إِلَّا لِطُولٍ (٢)، وإِنْ نَسِيَ إِحْدَى الخَمْسِ تيمَّمَ

= وقوله: ويعيد المقصر ألخ. كلها مسائل أمر فيها بالإِعادة للاحتياط اجتهادًا. والله أعلم.

(١) وقوله: كمتيمم على مصاب بول ألخ. يريد أنه يعيد في الوقت مراعاة لقول القائل إن الأرض تطهر بالجفاف. قلت: هو قول لا يؤيده الدليل، لأن الأعرابي الذي بال في المسجد أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بذنوب من ماء صبت على بوله، ولو كانت الأرض تطهر بالجفاف لما أمر -صلى الله عليه وسلم- بصب الماء على البول، وهو المشرع وبه الأسوة، فإذا تقرر ذلك، فاعلم أن من تيمم على مصاب بول، لم يتيمم على صعيد طيب أي طاهر، والله نعالى يقول: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}. والله الموفق.

(٢) قوله: ومنع مع عدم ماء تقبيل متوضٍّ وجماع مغتسل إلا لطول؛ قد اتبع فيه المصنف رحمه الله مذهب المدونة ففيها: قلت أرأيت المسافر يكون على وضوء أو لا يكون على وضوء، فأراد أن يطأ أهله أوجاريته وليس معه ماء؟. قال مالك: لا يطأ المسافر جاريته أو امرأته إلا ومعه ما يكفيهما جميعًا من الماء. قال ابن القاسم: وهما سواء. قال ابن القاسم: قلت لمالك: أرأيت امرأة طهرت من حيضتها في وقت صلاة، فتيممت وصلت، فأراد زوجها أن يطأها. قال: لا يفعل حتى يكون معهما من الماء ما يغتسلان به جميعًا. الخ البحث.

قلت: وهذا تضييق في الدين يأباه منطوق قوله تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (١). وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٢). اللهم إلا إذا كان يريد بنهيه عن التقبيل أو الجماع بعد دخول الحاضرة وقبل أدائها، فإن ذلك يتجه لما فيه من التفريط، أما إن كان غير ذلك فلا حرج ولا كراهة، لحديث أبي ذر رضي الله عنه: إني أعزب عن الماء ومعي أهلي فتصيبني الجنابة فأصلي بغير طهور. فقال النبى -صلى الله عليه وسلم-: "الصَّعِيدُ الطَّيَّبُ طَهُورٌ". رواه أبو داود والنسائي. فهو=


(١) سورة البقرة: ١٨٥.
(٢) سورة الحج: ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>