= تلك التهمة إلى العادة. ثم قال: وهَبْ أن تلك العادة وجدت في قوم في المائة الثالثة بالمدينة أو بالحجاز، فلم قلتم إنها وجدت بالعراق والمغرب في المائة السابعة؟!. ثم قال: وأنا أتوقف في الفتيا في هذا الباب، وفيما أشبهه من الأبواب المستندة إلى العادة بما في الكتب، لأن الذي في الكتب من المسائل لها مئون من السنين، وتلك العوائد التي هي شرط في تلك الأحكام لا يعدم حصولها الآن، والشك في الشرط شك في المشروط. قال: ومن الذخيرة: كل حكم مرتب على عرف أو عادة يبطل عند زوال تلك العادة، فإذا تغير، تغير الحكم. وقال ابن يونس: وجه فسخ بيوع الآجال، وإن صح، حماية أن يقصد المتبابعان ذلك في أول أمرهما، ولما نقل القرافي في قول ابن رشد: ما فعله زيد بن أرقم لا إثم فيه، قال: هذا يقتضي عدم تحريم بيوع الآجال، وإنما تفسخ سدًا لذريعة القصد إلى الفساد، ا. هـ. منه.
قلت: وسد الذرائع أصل من أصول مذهب الِإمام مالك بن أنس رحمه الله. قال شيخ مشائخنا سيد عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي في مراقي السعود:
سدُّ الذرائع إلى المحرم … وَالْغِ إذا كان الفساد أبعدا
حتم، كفتحها إلى المنحتم … وانظر تدلي دوالي العنب
وبكراهة وندب وردا … في كل مشرق وكل مغرب
يعني أن سد الذرائع المحرم واجب، وفتح الذرائع إلى الواجب واجب، وفتح الذرائع إلى المستحب مستحب وإلى المكَروه مكروه. قال بالبيت الأخير إن الشيء إذا كان يشتمل على فساد ومصلحة نظر، فإذا كان الفساد أعظما أو كانا متساويين حرم، وإن كانت المصلحة أرجح جاز. ثم مثل لذلك بغرس دوالي العنب فهو جائز وإن كانت الخمرة بنت الكرم، لأن مصلحة الزبيب وأكل العنب ولف ورق الكرم ليطبخ به اللحم أكثر مصلحة من مفسدة عصر الخمر منه.
وقول ابن رشد قبلُ: ما فعله زيد بن أرقم لا إثم فيه. يشير به إلى ما رواه الدا قطني عن العالية بنت أنفع قالت: خرجت أنا وأمُّ مَحِبَّة إلى مكة، فدخلنا على عائشة رضي الله عنها فسلمنا عليها، فقالت لنا ممن أنتن؟ قلنا من أهل الكوفة. قالت: فكأنها أعرضت عنا، فقالت لها