= وقال الشافعي: لم يثبت عندي أمر بوضع الجوائح، ولو ثبت عندي لم أعْدُه. والأصل المجتمع عليه أن كل من ابتاع ما يجوز بيعه وقبضه كانت المصيبة منه، قال: ولو كنت قائلًا بوضعها لوضعتها في القليل والكثير. وهو قول الثوري والكوفيين. وذهب مالك وأكثر أهل المدينة إلى وضعها؛ لحديث جابر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بوضع الجائحة. أخرجه مسلم. وبه كان يقضي عمر ابن عبد العزيز، وهو قول أحمد بن حنبل وسائر أصحاب الحديث.
وأهل الظاهر وضعوها عن المبتاع في القليل والكثير على عموم الحديث، إلا أن مالكًا وأصحابه اعتبروا أن تبلغ الجائحة ثلث الثمرة فصاعدًا، وما كان دون الثلث ألغوه، إذ لا تخلو ثمرة من أن يتعذر القليل من طيبها وأن يلحقها في اليسير منها فساد. ا. هـ. منه.
قلت: لم يتبين لي تخصيص طرح الجائحة إذا بلغت الثلث، فالذي يؤيده الدليل عندي طرحها في القليل والكثير لعموم الحديث، كما ذهب إليه أهل الظاهر وبالله تعالى التوفيق.
(٢) وقوله: وهل هي ما لا يستطاع دفعه كسماوي وجيش، نسب المواق للمدونة، قال ابن القاسم: كل ما أصاب الثمرة من الجراد والريح والنار والغرق والبرد والمطر والطير الغالب والدود وعفن الثمرة في الشجر والسموم فذلك كله جائحة توضع من المبتاع إن أصابت الثلث، والجيش يمر بالنخل فيأخذ ثمرته فذلك جائحة. قال ابن القاسم: ولو سرقها سارق كانت جائحة أيضًا، وقال ابن نافع: ليس السارق جائحة، قال ابن يونس: قول ابن القاسم أصوب لأنه فعل مخلوق لا يقدر على دفعه، ا. هـ. منه.
وفي الحطاب: تنبيهٌ: قال في التوضيح: قال الشيخان وغير واحد: وإنما يكون السارق عند ابن القاسم جائحة إذا لم يعرف، وأما إن عرف فيتبعه المشتري مليئًا كان أو معدمًا، ا. هـ. منه.
(٣) وقوله: وتوضع من العطش وإن قلّت، نسب المواق للمدونة، قال ابن القاسم: أما إن هلكت الثمرة من انقطاع ماء السماء، أو انقطع عنها ماء عين يسقيها، فهذا يوضع قليل ما هلك منه بسبب ذلك وكثيره بخلاف الجوائح.
(٤) وقوله: كالبقول، قال مالك من اشترى شيئًا من البقول: السلق، والبصل، والجزر=