= وقولهم: أو ما هو في حكمها، تحرز من اليومين والثلاثة، التي يجوز تأخير رأس مال السلم إليه، فإنه يجوز تأخيره عندنا ذلك القدر بشرط وبغير شرط لقرب ذلك. ولم يجز الشافعي تأخير رأس مال السلم عن العقد والافتراق ورأى أنه كالصرف، ودليلنا اختلاف البابين في أخص أوصافهما؛ فإن الصرف بابه ضيق كثرت فيه الشروط، بخلاف السلم فإن شوائب المعاملات عليه أكثر.
وقولهم: إلى أجل معلوم، تحرز من السلم الحالِّ فإنه لا يجوز على المشهور. ووصف الأجل بالمعلوم تحرز من الأجل المجهول؛ الذي كانوا في الجاهلية يسلمون إليه.
قال: والسلم بيع من البيوع الجائزة بالاتفاق، مستثنى من نهيه عليه الصلاة والسلام عن بيع ما ليس عندك، وأرخص في السلم لأن السلم لما كان بيع معلوم في الذمة، كان بيع غائب تدعو إليه ضرورة كل واحد من المتبايعين، فإن صاحب رأس المال محتاج إلى أن يشتري الثمرة، وصاحب الثمرة محتاج إلى ثمنها قبل إبانها لينفقه عليها، فظهر أن بيع السلم من المصالح الحاجية، وقد سماه الفقهاء بيع المحاويج، فلو جاز حالًا بطلت هذه الحكمة وارتفعت هذه المصلحة، ولم يكن لاستثناثه من بيع ما ليس عندك فائدة. ا. هـ. منه.
وحكم السلم الجواز بالكتاب، والسنة، والإِجماع، فأمَّا الكتاب فهو قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}. الآية. قال ابن عباس: هذه الآية نزلت في السلَم خاصة. ا. هـ. القرطبي.
وقال ابن قدامة بعد ذكر هذه الآية: وروى سعيد بإسناده عن ابن عباس أنه قال: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه وأذن فيه، ثم قرأ هذه الآية.
وأما السنة: فروى ابن عباس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنهم قدموا المدينة وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث فقال:"مَنْ أَسْلَفَ في شَيْء فَلْيُسْلِفْ في كَيْلٍ مَعْلُومِ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ". متفق عليه.
وروى البخاري عن محمد بن أبي المجالد قال: أرسلني أبو بردة وعبد الله بن شداد إلى عبد الرحمن بن أبزى، وعبد الله بن أبي أوفى، فسألتهما عن السلف فقالا: نصيب المغانم مع رسول