= الله -صلى الله عليه وسلم-، فكان يأتينا أنباط من أنباط الشام فنسلفهم في الحنطة، والشعير، والزيت. فقلت: أكان لهم زرع أم لم يكن لهم زرع؟. قال: ما كنا نسألهم عن ذلك.
وأمَّا الإِجماع، فقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن السلم جائز، ولأن المثمن في البيع أحد عوضي العقد، فجاز أن يثبت في الذمة كالثمن، ولأن بالناس حاجة إليه، لأن أرباب الزرع، والثمار، والتجارات، يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم وعليها لتكمل، وقد تعوزهم النفقة، فجوّز لهم السلم ليرتفقوا ويرتفق المسلم بالاسترخاص. ا. هـ. منه.
قال القرطبي: وشروط السلم المتفق عليها والمختلف فيها تسعة: ستة في المُسْلَمِ فيه، وثلاثة في رأس مال السلم، أما الستة التي في المسلم فيه: فأن يكون في الذمة، وأن يكون موصوفًا، وأن يكون مقدرًا، وأن يكون مؤجلًا، وأن يكون الأجل معلومًا، وأن يكون موجودًا عند محل الأجل.
وأمَّا الثلاثة التي في رأس مال السلم: فأن يكون معلوم الجنس، مقدرًا، نقدًا. قال: وهذه الثروط الثلاثة التي في رأس المال متفق عليها إلا النقد حسب ما تقدم قال ابن العربي: أما الشرط الأول. وهو أن يكون في الذمة، فلا إشكال في أن المقصود منه كونه في الذمة، لأنه مداينة، ولولا ذلك لم يشرع دين، ولا قصد الناس إليه ربحًا ورفقًا، وعلى ذلك القول اتفق الناس، بيد أنَّ مالكًا قال: لا يجوز السلم في المعين إلا بشرطين: أحدهما أن يكون قرية مأمونة، والثاني أن يشرع في أخذه؛ كاللبن من الشاة، والرطب من النخلة، ولم يقل ذلك أحد سواه. قال: وهاتان المسالتان صحيحتان في الدليل؛ لأن التعيين امتنع في السلم مخافة المزابنة والغرر، لئلا يتعذر عند المحل؛ وإذا كان الموضع مأمونًا لا يتعذر وجود ما فيه في الغالب جاز ذلك، إذ لا يتيقن ضمان العواقب على القطع في مسائل الفقه، ولابد من احتمال الغرر اليسير، وذلك في في مسائل الفروع. قال: وأمَّا السلم في اللَّبن والرُّطب مع الشروع في أخذه، فهي مسألة مدنية اجتمع عليها أهل المدينة، وهي مبنية على قاعدة المصلحة، لأن المرء يحتاج الى أخذ اللبن والرطب مياومة ويشق أن يأخذ كل يوم ابتداء، لأن النقد قد لا يحضره ولأن السعر قد يختلف عليه، وصاحب النخل واللبن محتاج إلى النقد؛ لأن الذي عنده عروض لا يتصرف له، فلما اشتركا في =