يعني أن من الأصول أن الضرورة تبيح المحظورات، ودليله قوله تعالى:(وَقَدْ فَضَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ). الآية، قال: ويجري على هذه القاعدة مسألة السفاتج، والربا، يعني المسافر يأتي دار الضرب بالتبر وأجرة العمل ليأخذ زنته، ومسألة السائس بالسالم في المجاعة، والدقيق والكعك المحاج بمثله في بلد آخر إلى غير ذلك.
وحيث إنك وقفت على كتابة ابن الزبير رضي الله عنه السفتجة بالدراهم إلى مصعب رضي الله عنه بالعراق، ووقفت على فتوى الأئمة بأنه لا بأس بذلك عندهم، هان عندك، إن شاء الله، أمر ما تجري به العادة اليوم من سفاتج بورق البنكوت إلى البلاد ذات النقد المراقب، لأمرين:
أولًا. لبعد هذا الورق -بفتح الراء- من النقدية، وإن كان يجري به التعامل. وعلى كل حال، لئن جاز عمل السفاتج في الورق -بكسر الراء- فلأن يجوز في الورق -بالفتح- أولى.
ثانيًا: لما تلجأ إليه الضرورة من الخوف على هذه الأموال من المصادرة تارة، والانتقاص تارة أخرى في غير حق شرعي، وقد علمت أن الله جل وعلا يقول:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}. والله الموفق.