للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ، وَعَنْ ذَهَبٍ بِوَرِقٍ وَعَكْسِهِ إِنْ حَلَّا وَعُجِّلَ؛ كمائةِ

= الصلح على أخذ شيء غير الشيء المدعى به، يعتبر بيعًا لذات ذلك الشيء المدعى به بالشيء المأخوذ بدلًا منه، إن كان ذاتًا، وإذًا، فإنه يشترط فيه ما يشترط في البيع من شروط وانتفاء موانع. وإن كان المأخوذ من الشيء المدعى به منفعة، فإن الصلح يعتبر إجارة للمصالح به. يشترط فيه ما يشترط في الإِجارة من شروط وانتفاء موانع. فمثال ما كان من ذلك بيعًا توفرت شروطه وانتفت موانعه: أن يدعي بعرض، أو حيوان، أو طعام، أو عقار، فيقرّ به المدعى عليه، ثم يصالحه بدنانير أو دراهم أو بهما معًا نقدًا، أو يصالحه بعرض أو طعام مخالف للمصالح عنه.

ومثال ما كان من ذلك إجارة توفرت شروطها وانتفت موانعها: أن يدعي عليه بشيء معين كثوب أو حيوان مثلًا، فيقرّ به، ثم يصالحه بمنفعة شيء معين أو مضمون من عقار أوحيوان أو عرض.

إن الصلح الذي يقع على نحو ما تقدم مثاله جائز، بدليل ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الصُّلْحُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ جَائِزٌ إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا". أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وقد أخرجه البيهقىِ في السنن الكبرى بسنده عن كثير بن زيد، وعن كثير ابن عبد الله عن أبيه عن جده.

وقال البيهقي أيضًا في السنن الكبرى: أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنبأنا أبوحامد بن بلال، ثنا يحيى ابن الربيع المكي، ثنا سفيان عن إدريس الأودي، قال: أخرج إلينا سعيد بن أبي بردة كتابًا فقال: هذا كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى- فذكره وفيه: والصلح جائز بين الناس، إلا صلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا، ا هـ. منه.

(٢) وقوله: وعلى بعضه هبة: يريد به، والله أعلم، أن الصلح على أخذ بعض المدعى به وترك الباقي يعتبر هبة للباقي المتروك، وإذًا، فإنه. يشترط فيه ما يشترط في الهبة من قبول قبل موت واهبه، وقبل جنونه أو مرضه المتصلين بموته، وقبل فلسه.

غير أن الدسوقي ذكر أنه ليس المراد بالهبة هنا حقيقتها -حتى يحتاج فيها للقبول من المدعى عليه قبل موت الواهب الذي هو المدعي- بل المراد بها الإبراء، وحينئذ فلا يشترط قبول، ولا تجدد حيازة على المعتمد، ا هـ. منه. وعزاه للعدوي، والله أعلم بمستنده في ذلك.

ودليل جواز الصلح على بعض المدعى به، ما رواه يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: حدثني =

<<  <  ج: ص:  >  >>