للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الدسوقي: وقوله: ولا يحل الصلح للظالم في نفس الأمر، أي فيما بينه وبين الله؛ وظاهره أن الصلح لا يحل للظالم ولو حكم له به حاكم يرى حله للظالم. وهذا موافق الآتي في القضاء، ورفع الخلاف لا أحل حرامًا. ا هـ. منه بتصرف.

قلت: والدليل على أن حكم الحاكم لا يحل شيئًا للظالم هو ما أخرجه المنذري في مختصر أبي داود له: باب في قضاء القاضي إذا أخطأ: عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِن بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ فَلَا يَأْخُذْ مِنْه شيْئًا فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ". قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

قال الخطابي: فيه من الفقه وجوب الحكم بالظاهر، وأن حكم الحاكم لا يحل حرامًا ولا يحرم حلالًا، وأنه من أخطأ في حكمه فمضى، كان ذلك في الظاهر، فأما في الباطن وفي حكم الآخرة فإنه غير ماض.

وفيه، أنه لا يجوز للمقضي له بالشيء أخذه، إذا علم أنه لا يحل له فيما بينه وبين الله، ألا تراه يقول:"فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ".

وأخرج البيهقي في السنن بسنده عن أبي رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة، قالت: كنت عند النبي -صلى الله عليه وسلم- جالسة، فجاءه رجلان من الأنصار يختصمان في أشياء قد درست وبادت، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّمَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهِ شَيْءٌ فَمَنْ قَضَيْبُ لَهُ بِشَيْءٍ بِحُجَّةٍ أَرَاهَا فَأَقْتَطِعُ بِهَا مِنْ مَالِ أَخِيهِ ظُلْمًا أَتَى بِهَا أَسْطَامًا فِي عُنُقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما: حقي له يا رسول الله. قال:"لَا، وَلكِنْ اذْهَبَا فَاسْتَهِمَا وَتَوَخَّيَا، ثُمَّ لْيُحَلِّلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ". اهـ. منه.

(٢) وقوله: فلو أقر بعده إلى قوله: فله نقضه، لعله لما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى بسنده عن المفضل بن غسان الغلابي: ثنا أبو داود، ثنا شريك عن أبي اسحاق، قال: كان لرجل على رجل ألف وخمسمائة درهم، فأبوا أن يُعطوه حتى حط الخمسمائة، فكتب عليه الكتاب وأبرأه ثم أخذ بالخمسمائة، فاختصموا إلى شريح، فقال للشهود: هل وضع الخمسماثة في كفه؟. فقالوا: لا. فأمر فرد عليه. قال الشيخ: ونحن أيضًا لا نجيز الحط إذا كان بشرط. اهـ. منه بلفظه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>