= (٣) وقوله: وعن إرث زوجة من عرض وورق وذهب بذهب، من التركة ألخ، لعله لما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى بسنده عن عطاء، عن ابن عباس أنه كان لا يرى بأسًا بالمخارجة في الميراث. قال: وحدثنا سعيد بن منصور، ثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه، قال: صولحت امرأة عبد الرحمن من نصيبها -ربع الثمن- على ثمانين ألفًا. وهذا محمول على أنها كانت عارفة بمقدار نصيبها. وقد روى الشعبي عن شريج أنه قال: أيما امرأة صولحت من ثمنها ولم تخبر بما ترك زوجها فتلك الريبة كلها. اهـ. منه. ولعل هذا أيضًا دليله قوله: إن عَرَفا جميعَها.
تنبيهٌ: الصلح عند الشافعي يجري مجرئ المعاوضات، ولذلك لا يجوز عنده إلا فيما أوجب المال، ولا يجوز في دعوى القذف، ولا على دعوى الزوجية، ولا على مجهول، ولا أن يصالحه من دين له على مال نسيه، لأنه من باب الكالئ بالكالئ. قاله الخطابي في معالم السنن وقال: لا يجوز الصلح في قول مالك على الإِقرار، غير أن المواق نقل عند قول خليل أو السكوت ما نصه: الصلح على ثلاثة أضرب: على الإِقرار وعلى الإِنكار وعلى السكوت، وهو جائز في الوجوه الثلاثة ا. هـ.
تنبيهٌ: وقول الخطابي: إن الصلح لا يصح على دعوى مجهولة هو مذهب الشافعي، قال لأنه فرع البيع ولا يصح البيع على مجهول، غير أن هذا الاجتهاد يرد عليه ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في رجلين اختصما في مواريث درست:"اسْتَهِمَا وَتَوَخَّيَا، وَلْيُحَلِّلْ أَحَدكُمَا صَاحِبَهُ" الحديث، وقد تقدم تخريجه في الكلام على قول المصنف: ولا يحل للظالم، وهو صلح على مجهول. وقال المتيطي في الصلح على مجهول: يسجل بنحو: قام فلان على فلان يزعم أن قِبَله له حقًا لا يعرف قدره ولا مبلغه، ثم إن فلانًا المدعى عليه خشي أن تكون للقائم علاقة فيما مضى، وإن كان لا يعرف شيئًا من ذلك، فرأى أن يتحلل من دعواه بأن يدفع له كذا، فرضي بذلك فلان القائم وقطع حجته وأسقط التبعة. اهـ. انظر المواق.
تنبيه: تقدم القول بأنه يستحب للقاضي أن لا يعجل بالقضاء بين الخصمين قبل أن يدعوهما إلى الصلح، تجنبًا للضغائن بينهما، لا سيما إذا كان الخصمان أهل قرابة ورحم، عملًا، بسنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد أخرج البيهقي في السنن الكبرى بسنده عن أزهر عن محارب، قال: قال عمر رضىِ الله عنه: ردوا الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يحدث بين القوم الضغائن. =