نَفْيِهِ إِنْ ظُنَّ بِهِ الْعِلْمُ؛ فَلَوْ أحَالَ بَائِعٌ على مُشْتَرٍ بالثَّمَنِ، ثُمَّ رُدَّ بِعَيْبٍ أو اسْتُحِقَّ لَمْ تَنْفَسِخْ. وَاخْتِيرَ خِلَافُهُ، والْقَوْلُ لِلْمُحِيلِ إنْ ادُّعِيَ عَلَيْهِ نَفْيُ الدَّيْنِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ، لا فِي دَعْوَاهُ وكَالةً أو سَلَفًا.
= توقف الحوالة على رضا المحيل والمحال. وصرح ابن الحاجب وغيره أن هذا من شروطها. وخالف في ذلك ابن رشد واللخمي قالا: ليس ذلك من شروطها.
(٢) وقوله: ويتحول حق المحال على المحال عليه وإن أفلس أو جحد، إلا أن يعلم المحيل، بإفلاسه فقط، قال الحطاب، قال في المدونة: وإذا أحالك غريمك على من له عليه دين فرضيت باتباعه، فلا ترجع عليه بشيء في غيبة المحال عليه أو عدمه.
وقال المواق، قال مالك: إذا أحالك غريمك على من له عليه دين فرضيت باتباعه، برئت ذمة غريمك، ولا ترجع عليه في غيبة المحال عليه أو عدمه، ولو غرك غريمك من عُدْم يعلمه بغريمه أو بفلس فلك طلب المحيل، ولو لم يغرك، أو كنتما عالمين بفلسه، كانت حوالة لازمة لك.
وقال المازري: وأما الجحود فقال بعض أشياخنا: إنه لا يوجب الرجوع على المحيل؛ لأن المحال فرط إذ لم يشهد على المحال عليه، فكأنه لما قبل الحوالة برئت ذمة المحيل وفرط في الِإشهاد، فصار كالمتسلف لماله بعد القبض، فمصيبة الجحود منه، ولا أعرف لمالك في هذا نصًا، اهـ منه.
وقال البغوي في شرح السنة: وإذا قبل الحوالة تحول الدين من المحيل إلى ذمة المحال عليه، ولا رجوع للمحتال على المحيل من غير عذر؛ فإن أفلس المحال عليه أو مات ولم يترك وفاء، اختلف أهل العلم فيه؛ فذهب قوم إلى أنه لا رجوع له على المحيل بحال. وهو قول علي وإليه ذهب مالك والشافعي، وأحمد، واسحاف، وأبو عبيد، وأبو ثور. وقال اسحاق: إلا أن يراه المحتال حالة قبول الحوالة مليئًا فبان معسرًا، رجع حينئذ على المحيل. وحجة هؤلاء قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ"، قالوا: والحوالة تصح على غير المليء. ففائدة ذكر الملاءة في الحديث سقوط سبيل المحتال على المحيل بعدما قبل الحوالة على من هو مليء، ولا ينظر إلى حدوث الفلس والموت من بعد؛ لأن الدين قد تحول من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، وسميت الحوالة لذلك. وذهب قوم -منهم أصحاب الرأي- إلى أنه يرجع على المحيل إذا أفلس المحال عليه أو مات ولم يترك وفاء. =