= ودليل من قال: يرجع على المحيل، ما أخرجه البيهقي بسنده عن خليد بن جعفر قال: سمعت أبا إياس عن عثمان بن عفان قال: ليس على مال امرئ مسلم توى. يعني حوالة. ورواه غيره عن شعبة مطلقًا ليس فيه حوالة. قال: قال الشافعي في رواية المزني في الجامع الكبير: احتج محمد بن الحسن بأن عثمان بن عفان قال في الحوالة أو الكفالة، يرجع صاحبها لا توى على مال مسلم، فسألته عن هذا الحديث فزعم أنه عن رجل مجهول، عن رجل معروف منقطع عن عثمان قال: فهو في أصل قوله يبطل من وجيهن، ولوكان ثابتًا عن عثمان لم تكن فيه حجة لأنه لا يدري أقال ذلك في الحوالة أو في الكفالة. اهـ. منه.
وقوله: قبلُ وثبوت دين لازم، قال الدردير: للمحيل في ذمة المحال عليه وكذا للمحال على المحيل، وإلا كانت وكالة لا حوالة. قال: واحترز بقوله: لازم، عن دين صبي وسفيه ورقيق بغير إذن ولي وسيد، فلا تصح الاحالة عليهم ا. هـ. منه.
وقوله: وتساوي الدَّينين قدرًا وصفة، قال الدردير: مراده بالتساوي قدرًا أن لا يكون المأخوذ من المحال عليه أكثر من الدين المحال به ولا أقل؛ فلا يحيل بخمسة على عشرة وعكسه، لأنه ربا في الأكثر ومنفعة في التحول إلى الأقل، فيخرج عن المعروف، وليس المراد أنه لابد من تساوي ما عليه لماله حتى يمتنع أن يحيل بخمسة من عشرة على مدينه أو بخمسة من عشرة عليه، وكذا لا يحل بخمسة محمديَّة على مثلها يزيدية مثلًا ولا عكسه، اهـ. منه.
تنبيهٌ: قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث "فَلْيَتْبَعْ" جميع أهل العلم على أن ذلك ليس على طريق الوجوب،
وخالف داود بن علي، قال: هو للوجوب؛ فصاحب الحق إذا أحيل على مليء يجب عليه أن يقبل، وإن أبى أكره على القبول، ويفهم من كلام ابن قدامة في المغني أن ذلك المذهب عندهم، قال ما نصه: ويشترط في صحتها رضا المحيل بلا خلاف، فإن الحق عليه ولا يتعين عليه جهة قضائه. قال: وأما المحتال والمحال عليه فلا يعتبر رضاهما على ما سنذكره إن شاء الله تعالى. ونص الخرقي: ومن أحيل بحقه على مليء فواجب عليه أن يحتال. فإنه بهذه العبارة لم يجعل اعتبارًا لرضا المحال ولا المحال عليه، خلافًا لأبي حنيفة الذي يعتبر رضاهما معًا. والله الموفق.