= وأمَّا السنة: فقد روي أن البراء بن عازب وزيد بن أرقم كانا شريكين، فاشتريا فضة بنقد ونسيئة، فبلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأمرهما:"أنَّ مَا كَانَ بِنَقْدٍ فَأَجِيزُوهُ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فرُدُّوهُ". قال المجد في المنتقى: رواه أحمد والبخاري بمعناه. وعن أبي هريرة يرفعه، قال:"إنَّ الله يَقُولُ: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَهُ خَرَجتُ مِنْ بَيْنِهِمَا". رواه أبو داود.
ولأبي داود، وابن ماجه أَنَّ السائب المخزومي كان شريك النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة، فجاء يوم الفتح فقال:"مَرْحَبًا بِأَخِي وَشَرِيكِي لا تُدَارِي وَلَا تُمَارِي".
وروى أبو داود، والنسائي وابن ماجه. عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال: اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر، قال: فجاء سعد بأسيرين ولم أجئ أنا وعمار بشيء.
وقال الشوكاني في ضبط كلمة الشركة: بكسر الشين وسكون الراء. وحكي فتح الشين وكسر الراء. وذكر صاحب الفتح فيها أربع لغات: فتح الشين وكسر الراء، وكسر الشين وسكون الراء، وقد تحذف الهاء، وقد يفتح أوله مع ذلك. ا. هـ. منه.
قال ابن قدامة: وأجمع المسلمون على جواز الشركة في الجملة، وإنما اختلفوا في أنواع منها نبينها إن شاء الله تعالى.
قال: والشركة على ضربين: شركة أملاك، وشركة عقود. وهذا الباب لشركة العقود وهي خمسة أنواع: شركة العنان، والأبدان، والوجوه، والمضاربة، والمفاوضة، ولا يصح من جميعها شيء إلا من جائز التصرف؛ لأنه عقد على التصرف في المال، فلم يصح من غير جائز التصرف في المال كالبيع.
(١) وقول المؤلف: الشركة إذن في التصرف لهما مع أنفسهما، يعني أن الشركة هي إذن كل واحد مِن الشريكين لصاحبه في التصرف في ماله أو ببدنه لهما -أي له ولشريكه- أي أن يتصرف له ولشريكه مع أنفسهما أي مع تصرفهما أنفسهما أيضًا.
(٢) وقوله: وإنما تصح من أهل التوكيل والتوكل، قال المواق: ابن شاس: من أركانها العاقدان ولا يشترط فيهما إلَّا الأهلية للتوكيل والتوكل بان يكون كل واحد منهما متصرفًا لنفسه ولصاحبه بإذنه، اهـ. منه بتصرف. =